قوله تعالى: (من بعد ما أهلكنا القرون الأولى) يعني قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم (بصائر للناس) أي: ليتبصروا به ويهتدوا.
قوله تعالى: (وما كنت بجانب الغربي) قال الزجاج: أي: وما كنت بجانب الجبل الغربي.
قوله تعالى: (إذ قضينا إلى موسى الأمر) أي: أحكمنا الأمر معه بإرساله إلى فرعون وقومه (وما كنت من الشاهدين) لذلك الأمر، وفي هذا بيان لصحة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم، لأنهم يعلمون أنه لم يقرأ الكتب، ولم يشاهد ما جرى، فلولا أنه أوحي إليه ذلك، ما علم.
قوله تعالى: (و لكنا أنشأنا قرونا) أي: خلقنا أمما من بعد موسى (فتطاول عليهم العمر) أي: طال إمهالهم فنسوا عهد الله وتركوا أمره، وهذا يدل على أنه قد عهد إلى موسى وقومه عهود في أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وأمروا بالإيمان به، فلما طال إمهالهم، أعرضوا عن مراعاة العهود، (وما كنت ثاويا) أي: مقيما (في أهل مدين) فتعلم خبر موسى وشعيب وابنتيه فتتلو ذلك على أهل مكة وأخبرناك خبر المتقدمين، ولولا ذلك ما علمته. (وما كنت بجانب الطور) أي: بناحية الجبل الذي كلم عليه موسى (إذ نادينا) موسى وكلمناه، هذا قول الأكثرين، وقال أبو هريرة: كان هذا النداء: يا أمة محمد، أعطيتكم قبل أن تسألوني، وأستجيب لكم قبل أن تدعوني.
قوله تعالى: (ولكن رحمة من ربك) قال الزجاج: المعنى: لم تشاهد قصص الأنبياء، ولكنا أوحينا إليك وقصصناها عليك، رحمة من ربك.
(ولولا أن تصيبهم مصيبة) جواب " لولا " محذوف، تقديره: لولا أنهم يحتجون بترك الإرسال ومؤاثرة الاحتجاج.
فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا ساحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون (48) قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين (49) فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين (50) ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون (51) الذين آتيناهم