كأنك قلت: قاله قولا، وإن شئت جعلته نصبا من قوله تعالى: ولهم ما يدعون قولا، كقولك: عدة من الله. وقرأ ابن مسعود، وأبي بن كعب، والجحدري: " سلاما قولا " بنصبهما جميعا.
وامتازوا اليوم أيها المجرمون (59) ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين (60) وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم (61) ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون (62) هذه جهنم التي كنتم توعدون (63) اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون (64) قوله تعالى: (و امتازوا اليوم) قال ابن قتيبة: أي: انقطعوا عن المؤمنين وتميزوا منهم، يقال:
مزت الشئ من الشئ: إذا عزلته عنه، فانماز وامتاز، وميزته فتميز.
قال المفسرون: إذا اختلط الإنس والجن في الآخرة، قيل: " وامتازوا اليوم أيها المجرمون "، فيقال للمجرمين: (ألم أعهد إليكم؟) أي: ألم آمركم، ألم أوصكم؟ و " تعبدوا " بمعنى تطيعوا، والشيطان هو إبليس، زين لهم الشرك فأطاعوه، (إنه لكم عدو مبين) ظاهر العداوة، أخرج أبويكم من الجنة.
(وأن اعبدوني) قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والكسائي: " وأن اعبدوني " بضم النون.
وقرأ عاصم، وأبو عمرو، وحمزة: " وأن اعبدوني " بكسر النون، والمعنى: وحدوني (هذا صراط مستقيم) يعني التوحيد.
(ولقد أضل منكم جبلا) قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وخلف: " جبلا " بضم الجيم والباء وتخفيف اللام، وقرأ أبو عمرو، وابن عامر: " جبلا " بضم الجيم وتسكين الباء مع تخفيف اللام. وقرأ نافع، وعاصم: " جبلا " بكسر الجيم والباء مع تشديد اللام. وقرأ علي بن أبي طالب، وابن عباس، وأبو عبد الرحمن السلمي، والزهري، والأعمش: " جبلا " بضم الجيم والباء مع تشديد اللام. وقرأ عبد الله بن عمرو، وابن السميفع: " جبلا " بكسر الجيم و سكون الباء وتخفيف اللام. وقرأ سعيد بن جبير، وأبو المتوكل، ومعاذ القارئ: " جبلا " برفع الجيم وفتح الباء وتخفيف اللام. وقرأ أبو العالية: وابن يعمر: " جبلا " بكسر الجيم وفتح الباء وتخفيف اللام. وقرأ أبو عمران الجوني، وعمرو بن دينار، " جبالا " مكسورة الجيم مفتوحة الباء وبألف. ومعنى الكلمة كيف تصرفت في هذه اللغات: الخلق والجماعة، فالمعنى: ولقد أضل منكم خلقا كثيرا (أفلم