والثاني: قدر له ما يصلحه ويقيمه.
والثالث: قدر له تقديرا من الأجل والرزق.
ثم ذكر ما صنعه المشركون، فقال: (واتخذوا من دونه آلهة) يعني: الأصنام (لا يخلقون شيئا وهم يخلقون) أي: وهي مخلوقة (ولا يملكون لأنفسهم ضرا) أي: دفع ضر، ولا جر نفع، لأنها جماد لا قدرة لها (ولا يملكونها موتا) أي: لا تملك ان تميت أحدا، ولا أن تحيي أحدا، ولا أن تبعث أحدا من الأموات، والمعنى: كيف يعبدون ما هذه صفته، ويتركون عبادة من يقدر على ذلك كله؟!
وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاؤوا ظلما وزورا (4) وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا (5) قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما (6) قوله تعالى: (وقال الذين كفروا) يعني: مشركي قريش، وقال مقاتل: هو قول النضر بن الحارث من بني عبد الدار (إن هذا) أي: ما هذا، يعنون القرآن (إلا إفك) أي: كذب (افتراه) أي: اختلقه من تلقاء نفسه (وأعانه عليه قوم آخرون) قال مجاهد: يعنون اليهود:
وقال مقاتل: أشاروا إلى عداس مولى حويطب، ويسار غلام عامر بن الحضرمي، وجبر مولى لعامر أيضا، وكان الثلاثة من أهل الكتاب.
قال تعالى: (فقد جاؤوا ظلما وزورا). قال الزجاج: المعنى فقد جاؤوا بظلم وزور فلما سقطت الباء، أفضى الفعل فنصب، والزور: الكذب. (وقالوا أساطير الأولين) وقد بينا ذلك في الأنعام. قال المفسرون: والذي قال هذا هو النضر بن الحارث. ومعنى (اكتتبها) أمر أن تكتب له. وقرأ ابن مسعود، وإبراهيم النخعي، وطلحة بن مصرف: " اكتتبها " برفع التاء الأولى وكسر الثانية، والابتداء على قراءتهم برفع الهمزة، (فهي تملى) أي: تقرأ عليه ليحفظها لا ليكتبها، لأنه لم يكن كاتبا، (بكرة وأصيلا) أي: غدوة وعشيا. (قل) لهم يا محمد: (أنزله) يعني: القرآن (الذي يعلم السر) أي: لا يخفي عليه شئ (في السماوات والأرض).