لهو البلاء المبين (106) وفديناه بذبح عظيم (107) وتركنا عليه في الآخرين (108) سلام على إبراهيم (109) كذلك نجزي المحسنين (110) إنه من عبادنا المؤمنين (111) وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين (112) وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين (113) قوله تعالى: (فلما بلغ معه السعي) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المراد بالسعي هاهنا: العمل، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه المشي، والمعنى: مشى مع أبيه، قاله قتادة. قال ابن قتيبة: بلغ أن ينصرف معه ويعينه. قال ابن السائب: كان ابن ثلاث عشرة سنة.
والثالث: أن المراد بالسعي: العبادة، قاله ابن زيد، فعلى هذا، يكون قد بلغ.
قوله تعالى: (إني أرى في المنام أني أذبحك) أكثر العلماء على أنه لم ير أنه ذبحه في المنام، وإنما المعنى أنه أمر في المنام بذبحه، ويدل عليه قوله تعالى (أفعل ما تؤمر). وذهب بعضهم إلى أنه رأى أنه يعالج ذبحه، ولم ير إراقة الدم. قال قتادة: ورؤيا الأنبياء حق، إذا رأوا شيئا، فعلوه. وذكر السدي عن أشياخه أنه لما بشر جبريل سارة بالولد، قال إبراهيم: هو إذا لله ذبيح، فلما فرغ من بنيان البيت، أتي في المنام، فقيل له: أوف بنذرك. واختلفوا في الذبيح على قولين:
أحدهما: أنه إسحاق، قاله عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، والعباس ابن عبد المطلب، وابن مسعود، وأبو موسى الأشعري، وأبو هريرة، وأنس، وكعب الأحبار، ووهب بن منبه، ومسروق، وعبيد بن عمير، والقاسم ابن أبي بزة، ومقاتل بن سليمان، واختاره ابن جرير. وهؤلاء يقولون: كانت هذه القصة بالشام. وقيل: طويت له الأرض حتى حمله إلى المنحر بمنى في ساعة.
والثاني: أنه إسماعيل، قاله ابن عمر، وعبد الله بن سلام، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، والشعبي، ومجاهد، ويوسف بن مهران، وأبو صالح، ومحمد بن كعب القرظي، والربيع بن أنس، وعبد الرحمن بن سابط. واختلفت الرواية عن ابن عباس، فروى عنه عكرمة أنه إسحاق، وروى عنه عطاء، ومجاهد، والشعبي، وأبو الجوزاء، ويوسف بن مهران أنه إسماعيل، وروى عنه سعيد بن جبير كالقولين. وعن سعيد بن جبير، وعكرمة، والزهري، وقتادة، والسدي