قوله تعالى: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب) قال أبو عبيدة: مجازه: ما كنت تقرأ قبله كتابا، و " من " زائدة. فأما الهاء في " قبله " فهي عائدة إلى القرآن. والمعنى: ما كنت قارئا قبل الوحي ولا كاتبا، وهكذا كانت صفته في التوراة والإنجيل أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، وهذا يدل على أن الذي جاء به، من عند الله تعالى.
قوله تعالى: (إذا لارتاب المبطلون) أي: لو كنت قارئا كاتبا لشك اليهود فيك، ولقالوا:
ليست هذه صفته في كتابنا. والمبطلون: الذين يأتون بالباطل، وفيهم هاهنا قولان:
أحدهما: كفار قريش، قاله مجاهد.
والثاني: كفار اليهود، قاله مقاتل.
قوله تعالى: (بل هو آيات بينات) في المكني عنه قولان:
أحدهما: أنه النبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم، ثم في معنى الكلام قولان: أحدهما: أن المعنى: بل وجدان أهل الكتاب في كتبهم أن محمدا [صلى الله عليه و آله و سلم] لا يكتب ولا يقرأ، وأنه أمي، آيات بينات في صدورهم، وهذا مذهب ابن عباس، والضحاك، وابن جريج. والثاني: أن المعنى: بل محمد [عليه السلام] ذو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب، لأنهم يجدونه بنعته وصفته، قاله قتادة.
والثاني: أنه القرآن، والذين أوتوا العلم: المؤمنون الذين حملوا القرآن على عهد رسول الله [صلى الله عليه و آله و سلم] وحملوه بعده. وإنما أعطي الحفظ هذه الأمة، وكان من قبلهم لا يقرؤون كتابهم إلا نظرا، فإذا أطبقوه لم يحفظوا ما فيه سوى الأنبياء، وهذا قول الحسن، و في المراد بالظالمين هاهنا قولان:
أحدهما: المشركون، قاله ابن عباس.
والثاني: كفار اليهود، قاله مقاتل.
وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين (50) أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون (51) قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون (52)