قوله تعالى: (إلا لنعلم) أي: ما كان تسليطنا إياه إلا لنعلم المؤمنين من الشاكين. وقرأ الزهري: " إلا ليعلم " بياء مرفوعة على ما لم يسم فاعله. وقرأ ابن يعمر: " ليعلم " بفتح الياء.
وفي المراد بعلمه هاهنا ثلاثة أقوال: قد شرحناه في أول (العنكبوت:).
(وربك على كل شئ) من الشك و الإيمان (حفيظ)، وقال ابن قتيبة: والحفيظ بمعنى الحافظ. قال الخطابي: وهو فعيل بمعنى فاعل، كالقدير، والعليم، فهو يحفظ السماوات والأرض بما فيها لتبقى مدة بقائها، ويحفظ عباده من المهالك، ويحفظ عليهم أعمالهم، ويعلم نياتهم، ويحفظ أولياءه عن مواقعة الذنوب، ويحرسهم من مكايد الشيطان.
قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يعلمون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير (22) ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير (23) قوله تعالى: (قل ادعوا الذين زعمتم) المعنى: قل للكفار: ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة لينعموا عليكم بنعمة، أو يكشفوا عنكم بلية. ثم أخبر عنهم فقال: (لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض) أي: من خير وشر ونفع وضر (و ما لهم فيهما من شرك) لم يشاركونا في شئ من خلقهما، (و ماله) أي: وما لله (منهم) أي: من الآلهة (من ظهير) أي: من معين على شئ.
(ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر: " أذن له " بفتح الألف. وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف: " أذن له " برفع الألف وعن عاصم كالقراءتين.
أي: لا تنفع شفاعة ملك ولا نبي حتى يؤذن له في الشفاعة، وقيل: حتى يؤذن له فيمن يشفع. وفي هذا رد عليهم حين قالوا: إن هذه الآلهة تشفع لنا.
(حتى إذا فزع عن قلوبهم) قرأ الأكثرون: " فزع " بضم الفاء وكسر الزاي، قال ابن قتيبة:
خفف عنها الفزع. وقال الزجاج: معناه: كشف الفزع عن قلوبهم. وقرأ ابن عامر، ويعقوب، وأبان: