وأجزل ثوابه، قاله الزجاج.
قوله تعالى: (و تله للجبين) قال ابن قتيبة: أي: صرعه على جبينه فصار أحد جبينيه على الأرض، وهما جبينان، والجبهة بينهما، وهي ما أصاب الأرض في السجود، و الناس لا يكادون يفرقون بين الجبين والجبهة، فالجبهة مسجد الرجل الذي يصيبه ندب السجود، والجبينان يكتنفانها، من كل جانب جبين.
قوله تعالى: (و ناديناه) قال المفسرون: نودي من الجبل: (يا إبراهيم قد صدقت) الرؤيا) وفيه قولان:
أحدهما: قد عملت ما أمرت، وذلك أنه قصد الذبح بما أمكنه، وطاوعه الابن بالتمكين من الذبح، إلا أن الله [تعالى] صرف ذلك كما شاء، فصار كأنه قد ذبح وإن لم يتحقق الذبح.
والثاني: أنه رأى في المنام معالجة الذبح، ولم ير إراقة الدم، فلما فعل في اليقظة ما رأى في المنام، قيل له: " قد صدقت الرؤيا ".
وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وأبو عمران، والجحدري: " قد صدقت الرؤيا " بتخفيف الدال، وهاهنا تم الكلام. ثم قال تعالى: (إنا كذلك) أي: كما ذكرنا من العفو من ذبح ولده (نجزى المحسنين).
(إن هذا لهو البلاء المبين) فيه قولان:
أحدهما: النعمة البينة، قاله ابن السائب، ومقاتل.
والثاني: الاختبار العظيم، قاله ابن زيد، وابن قتيبة. فعلى الأول، يكون قوله هذا إشارة إلى العفو عن الذبح. وعلى الثاني، يكون إشارة إلى امتحانه بذبح ولده.
قوله تعالى: (و فديناه) يعني: الذبيح (بذبح) وهو بكسر الذال: اسم ما ذبح، وبفتح الذال: مصدر ذبحت، قاله ابن قتيبة. ومعنى الآية: خلصناه هذا من الذبح بأن جعلنا الذبح فداء له.
وفي هذا الذبح ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه كان كبشا أقرن قد رعى في الجنة قبل ذلك أربعين عاما، قاله ابن عباس في رواية مجاهد، وقال في رواية سعيد بن جبير: هو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه، كان في الجنة حتى فدي به.
والثاني: أن إبراهيم فدى ابنه بكبشين أبيضين أعينين أقرنين، رواه أبو الطفيل عن ابن عباس.