و الثاني: أنه متعلق بما بعده، فالمعنى: بآياتنا أنتما و من اتبعكما الغالبون، أي: تغلبون بآياتنا.
والثالث: أن في الكلام تقديما وتأخيرا، تقديره: ونجعل لكما سلطانا بآياتنا فلا يصلون إليكما.
فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين (36) وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون (37) قوله تعالى: (ما هذا إلا سحر مفترى) أي: ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر افتريته من قبل نفسك ولم تبعث به (و ما سمعنا بهذا) الذي تدعونا إليه (في آبائنا الأولين)، (وقال موسى ربي أعلم) وقرأ ابن كثير: " قال موسى " بلا واو، وكذلك هي في مصاحفهم (بمن جاء بالهدى) أي: هو أعلم بالمحق منا، (ومن تكون له عاقبة الدار) وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف، والمفضل: " يكون " بالياء، والباقون بالتاء.
وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين (38) واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون (39) فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين (40) وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون (41) وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين (42) قوله تعالى: (فأوقد لي يا هامان على الطين) قال ابن قتيبة: المعنى: اصنع لي الآجر (فاجعل لي صرحا) أي: قصرا عاليا. وقال الزجاج: الصرح: كل بناء متسع مرتفع. وجاء في التفسير أنه لما أمر هامان - وهو وزيره - ببناء الصرح، جمع العمال والفعلة حتى اجتمع خمسون ألف بناء سوى الأتباع، فرفعوه وشيدوه حتى ارتفع ارتفاعا لم يبلغه بنيان أحد قط، فلما تم ارتقى فرعون