فأما قوله: (و أناب) فمعناه: رجع من ذنبه تائبا إلى ربه، (فغفرنا له ذلك) يعني الذنب (وإن له عندنا لزلفى) قال ابن قتيبة: أي: تقدم وقربة.
قوله تعالى: (و حسن مآب) قال مقاتل: حسن مرجع، وهو ما أعد الله له في الجنة.
قوله تعالى: (يا داود) المعنى: وقلنا له يا داود (إنا جعلناك) أي: صيرناك (خليفة في الأرض) أي: تدبر أمر العباد من قبلنا بأمرنا، فكأنك خليفة عنا (فاحكم بين الناس بالحق) أي: بالعدل (و لا تتبع الهوى) أي: لا تمل مع ما تشتهي إذا خالف أمر الله عز وجل (فيضلك عن سبيل الله) أي: عن دينه (إن الذين يضلون) وقرأ أبو نهيك، وأبو حيوة، وابن يعمر:
" يضلون " بضم الياء.
قوله تعالى: (بما نسوا يوم الحساب) فيه قولان:
أحدهما: بما تركوا العمل ليوم الحساب، قاله السدي. قال الزجاج: لما تركوا العمل لذلك اليوم، صاروا بمنزلة الناسين.
والثاني: أن في الكلام تقديما وتأخيرا، تقديره: لهم عذاب شديد يوم الحساب بما نسوا، أي: تركوا القضاء بالعدل، وهو قول عكرمة.
وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار (27) أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار (28) كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب (29) قوله تعالى: (و ما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا) أي: عبثا (ذلك ظن الذين كفروا) أن ذلك خلق لغير شئ، وإنما خلق للثواب والعقاب.
(أم نجعل الذين آمنوا) قال مقاتل: قال كفار قريش للمؤمنين: إنا نعطى في الآخرة مثل ما تعطون، فنزلت هذه الآية. وقال ابن السائب: نزلت في الستة الذين تبارزوا يوم بدر، علي [رضي الله عنه]، وحمزة [رضي الله عنه]، وعبيدة بن الحارث [رضي الله عنه]، وعتبة، وشيبة، والوليد بن عتبة، فذكر أولئك بالفساد في الأرض لعملهم فيها بالمعاصي، وسمى المؤمنين بالمتقين لاتقائهم الشرك، وحكم الآية عام.