والثاني: حتى إذا كشف الغطاء عن قلوبهم يوم القيامة، قيل لهم: ماذا قال ربكم؟ قاله مجاهد.
قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين (24) قل لا تسئلون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون (25) قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم (26) قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم (27) قوله تعالى: (قل من يرزقكم من السماوات) يعني المطر (و الأرض) يعني النبات والثمر.
وإنما أمر أن يسأل الكفار، عن هذا، احتجاجا عليهم بأن الذي يرزق هو المستحق للعبادة، وهم لا يثبتون رازقا سواه، ولهذا قيل له: (قل الله) لأنهم لا يجيبون بغير هذا، وهاهنا تم الكلام. ثم أمره أن يقول لهم: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) مذهب المفسرين أن " أو " هاهنا بمعنى الواو. وقال أبو عبيدة: معنى الكلام: وإنا لعلى هدى، وإنكم لفي ضلال مبين. وقال الفراء:
معنى " أو " عند المفسرين معنى الواو، وكذلك هو في المعنى، غير أن العربية على غير ذلك، لا تكون " أو " بمنزلة الواو، ولكنها تكون في الأمر المفوض، كما تقول: إن شئت فخذ درهما أو اثنين، فله أن يأخذ واحدا أو اثنين، وليس له أن يأخذ ثلاثة، وإنما معنى الآية: وإنا لضالون أو مهتدون، وإنكم أيضا لضالون أو مهتدون، وهو يعلم أن رسوله المهتدي، وأن غيره الضال، كما تقول للرجل تكذبه: والله إن أحدنا لكاذب - وأنت تعنيه - فكذبته تكذيبا غير مكشوف، ويقول الرجل: والله لقد قدم فلان، فيقول له من يعلم كذبه: قل: إن شاء الله، فيكذبه بأحسن من تصريح التكذيب، ومن كلام العرب أن يقولوا: قاتله الله، ثم يستقبحونها، فيقول: قاتعه الله، ويقول بعضهم: كاتعه الله، ويقولون: جوعا، دعاء على الرجل، ثم يستقبحونها فيقولون: جودا، وبعضهم يقول: جوسا، ومن ذلك قولهم: ويحك وويسك، وإنما هي في معنى " ويلك " إلا أنها دونها.
قوله تعالى: (قل لا تسألون عما أجرمنا) أي: لا تؤاخذون به (ولا نسأل عما تعملون) من الكفر والتكذيب، والمعنى إظهار التبري منهم. وهذه الآية عند أكثر المفسرين منسوخة بآية السيف، ولا وجه لذلك.