والثالث: فيما سهوتم فيه، قاله حبيب بن أبي ثابت.
فعلى الأول يكون معنى قوله [تعالى]: (ولكن ما تعمدت قلوبكم) أي: بعد النهي. وعلى الثاني والثالث. ما تعمدت في دعاء الرجل إلى غير أبيه.
قوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) أي: أحق، فله أن يحكم فيهم بما يشاء، قال ابن عباس: إذا دعاهم إلى شئ، ودعتهم أنفسهم إلى شئ، كانت طاعته أولى من طاعة أنفسهم، وهذا صحيح، فإن أنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم، والرسول [عليه السلام] يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم.
قوله تعالى: (و أزواجه أمهاتهم) أي: في تحريم نكاحهن على التأبيد، ووجوب إجلالهن وتعظيمهن، ولا تجري عليهن أحكام الأمهات في كل شئ، إذ لو كان كذلك لما جاز لأحد أن يتزوج بناتهن، ولورثن المسلمين، ولجازت الخلوة بهن. وقد روى مسروق عن عائشة أن امرأة قالت: يا أماه، فقالت: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم، فبان بهذا الحديث أن معنى الأمومة تحريم نكاحهن فقط. وقال مجاهد: " وأزواجه أمهاتهم " وهو أب لهم. وما بعد هذا مفسر في آخر الأنفال إلى قوله [تعالى]: (من المؤمنين والمهاجرين) والمعنى أن ذوي القرابات بعضهم أولى بميراث بعض من أن يرثوا بالإيمان والهجرة كما كانوا يفعلون قبل النسخ (إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) وهذا استثناء ليس من الأول، والمعنى: لكن فعلكم إلى أوليائكم معروفا جائز، وذلك أن الله تعالى لما نسخ التوارث بالحلف والهجرة، أباح الوصية للمعاقدين، فللانسان أن يوصي لمن يتولاه بما أحب من ثلثه. فالمعروف ها هنا: الوصية.
قوله تعالى: (كان ذلك) يعني نسخ الميراث بالهجرة ورده إلى ذوي الأرحام (في الكتاب) يعني اللوح المحفوظ (مسطورا) أي: مكتوبا.
وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا (7) ليسئل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما (8) يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا (9)