وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون (6) يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون (7) أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون (8) قوله تعالى: (وعد الله) أي: وعد الله ذلك وعدا (لا يخلف الله وعده) أن الروم يظهرون على فارس (ولكن أكثر الناس) يعني كفار مكة (لا يعلمون) أن الله [تعالى] لا يخلف وعده في ذلك.
ثم وصف كفار مكة، فقال: (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) قال عكرمة: هي المعايش.
وقال الضحاك: يعلمون بنيان قصورها وتشقيق أنهارها. وقال الحسن: يعلمون متى زرعهم ومتى حصادهم، ولقد بلغ والله من علم أحدهم بالدنيا أنه ينقر الدرهم بظفره فيخبرك بوزنه ولا يحسن يصلي.
قوله تعالى: (وهم عن الآخرة هم غافلون) لأنهم لا يؤمنون بها. قال الزجاج: وذكرهم ثانية يجري مجرى التوكيد، كما يقول: زيد هو عالم، وهو أوكد من قولك: زيد عالم.
قوله تعالى: (أو لم يتفكروا في أنفسهم) قال الزجاج: معناه: أو لم يتفكروا فيعلموا فحذف " فيعلموا " لأن في الكلام دليلا عليه. ومعنى (بالحق): إلا للحق، أي: لإقامة الحق (وأجل مسمى) وهو وقت الجزاء (وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون) المعنى: لكافرون بلقاء ربهم، فقدمت الباء، لأنها متصلة ب " كافرون "، وما اتصل بخبر " إن " جاز أن يقدم قبل اللام، ولا يجوز أن تدخل اللام بعد مضي الخبر من غير خلاف بين النحويين، لا يجوز أن تقول: إن زيدا كافر لبالله، لأن اللام حقها أن تدخل على الابتداء و الخبر، لأنها تؤكد الجملة. وقال مقاتل في قوله [تعالى]: (وأجل مسمى) للسماوات والأرض أجل ينتهيان إليه، وهو يوم القيامة، (وإن كثيرا من الناس) يعني كفار مكة (بلقاء ربهم) أي: بالبعث (لكافرون).
أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم