لا تصلوا العصر إلا ببني قريظة، ثم سار إليهم فحاصرهم خمسة عشر يوما أشد الحصار، و قيل:
عشرين ليلة، فأرسلوا إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر، فأرسله إليهم، فشاوروه في أمرهم، فأشار إليهم بيده: إنه الذبح، ثم ندم فقال: خنت الله [تعالى] ورسوله، فانصرف فارتبط في المسجد حتى أنزل الله [تعالى] توبته، ثم نزلوا على حكم رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فأمر بهم رسول الله محمد بن مسلمة، فكتفوا، ونحوا ناحية، وجعل النساء والذرية ناحية. وكلمت أوس رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يهبهم لهم، وكانوا حلفاءهم، فجعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ، هكذا ذكر محمد بن سعد. وحكى غيره: أنهم نزلوا أولا على حكم سعد بن معاذ، وكان بينهم وبين قومه حلف، فرجوا أن تأخذه فيهم هوادة، فحكم فيهم أن يقتل كل من جرت عليه المواسي، وتسبى النساء والذراري، وتقسم الأموال. فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: " لقد حكمت بحكم الله [تعالى] من فوق سبعة أرقعة "، وانصرف رسول الله [صلى الله عليه و آله وسلم]، وأمر بهم فأدخلوا المدينة، وحفر لهم أخدود في السوق، وجلس رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ومعه أصحابه، وأخرجوا إليه فضربت أعناقهم، وكانوا ما بين ستمائة إلى السبعمائة.
قوله تعالى: (من صياصيهم) قال ابن عباس وقتادة: من حصونهم، قال ابن قتيبة: وأصل الصياصي: قرون البقر، لأنها تمتنع بها، وتدفع عن أنفسها، فقيل للحصون: الصياصي، لأنها تمنع، وقال الزجاج: كل قرن صيصية، وصيصية الديك: شوكة يتحصن بها.
قوله تعالى: (و قذف في قلوبهم الرعب) أي: ألقى فيها الخوف (فريقا تقتلون) وهم المقاتلة (وتأسرون) وقرأ ابن يعمر، وابن أبي عبلة: " وتأسرون " برفع السين (فريقا) وهم النساء والذراري، (وأورثكم أرضهم وديارهم) يعني منازلهم و نخيلهم (و أموالهم) من الذهب والفضة والحلي والعبيد والإماء (وأرضا لم تطؤوها) بأقدامكم بعد، وهي مما سنفتحها عليكم وفيها أربعة أقوال:
أحدها: أنها فارس والروم، قاله الحسن.
والثاني: ما ظهر عليه المسلمون إلى يوم القيامة، قاله عكرمة.
والثالث: مكة، قاله قتادة.
والرابع: خيبر، قاله ابن زيد، وابن السائب، وابن إسحاق، ومقاتل.
يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن