والثاني: قادرون عليها بالتسخير لهم، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: (و ذللناها لهم) أي: سخرناها، فهي ذليلة لهم (فمنها ركوبهم) قال ابن قتيبة: الركوب: ما يركبون، والحلوب: ما يحلبون. قال الفراء: ولو قرأ قارئ: " فمنها ركوبهم "، كان وجها، كما تقول: منها أكلهم وشربهم وركوبهم. وقد قرأ بضم الراء الحسن، وأبو العالية، والأعمش، وابن يعمر في آخرين. وقرأ أبي بن كعب، وعائشة: " ركوبتهم " بفتح الراء والباء وزيادة تاء مرفوعة. قال المفسرون: يركبون من الأنعام الإبل، ويأكلون الغنم، (و لهم فيها منافع) من الأصواف والأوبار والأشعار والنسل (و مشارب) من ألبانها، (أفلا يشكرون) رب هذه النعم فيوحدونه؟!.
ثم ذكر جهلهم فقال: (و اتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون) أي: لتمنعهم من عذاب الله، ثم أخبر أن ذلك لا يكون بقوله: (لا يستطيعون نصرهم) أي: لا تقدر الأصنام على منعهم من أمر أراده الله بهم (وهم) يعني الكفار و (لهم) يعني الأصنام (جند محضرون) وفيه أربعة أقوال:
أحدها: جند في الدنيا محضرون في النار، قاله الحسن.
والثاني: محضرون عند الحساب، قاله مجاهد.
والثالث: المشركون جند للأصنام، يغضبون لها في الدنيا، وهي لا تسوق إليهم خيرا ولا تدفع عنهم شرا، قاله قتادة. وقال مقاتل: الكفار يغضبون للآلهة ويحضرونها في الدنيا. وقال الزجاج: هم للأصنام ينتصرون، وهي لا تستطيع نصرهم.
والرابع: هم جند محضرون عند الأصنام يعبدونها، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: (فلا يحزنك قولهم) يعني قول كفار مكة في تكذيبك (إنا نعلم ما يسرون) في ضمائرهم من تكذيبك (و ما يعلنون) بألسنتهم من ذلك، والمعنى: إنا نثيبك و نجازيهم.
أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين (77) وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم (78) قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم (79) الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه