المؤمنين، فحلفوا على شئ تبين للمؤمنين كذبهم فيه، ويستدلون على كذبهم في الدنيا.
ثم ذكر إنكار المؤمنين عليهم بقوله [تعالى]: (وقال الذين أوتوا العلم والإيمان) وفيهم قولان:
أحدهما: أنهم الملائكة. والثاني: المؤمنون.
قوله تعالى: (لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث) فيه قولان:
أحدهما: أن فيه تقديما وتأخيرا، تقديره: وقال الذين أوتوا العلم بكتاب الله والإيمان بالله [عز وجل]، قاله ابن جريج في جماعة من المفسرين.
والثاني: أنه على نظمه. ثم في معناه قولان:
أحدهما: لقد لبثتم في علم الله، [عز وجل]، قاله الفراء.
والثاني: لقد لبثتم في خبر الكتاب، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى: (فهذا يوم البعث) أي: اليوم الذي كنتم تنكرونه (و لكنكم كنتم لا تعلمون) في الدنيا أنه يكون. (فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " لا تنفع " بالتاء. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: بالياء، لأن التأنيث غير حقيقي. قاله ابن عباس: لا يقبل من الذين أشركوا عذر ولا توبة.
قوله تعالى: (ولا هم يستعتبون) أي: لا يطلب منهم العتبى والرجوع في الآخرة.
ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون (58) كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون (59) فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون (60) قوله تعالى: (ولئن جئتهم بآية) أي: كعصا موسى ويده (ليقولن الذين كفروا إن أنتم) أي:
ما أنتم يا محمد وأصحابك (إلا مبطلون) أي: أصحاب أباطيل، وهذا بيان لعنادهم. (كذلك) أي: كما طبع على قلوبهم حتى لا يصدقون الآيات (يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون) توحيد الله [عز وجل]، فالسبب في امتناع الكفار من التوحيد، الطبع على قلوبهم.
قوله تعالى: (فاصبر إن وعد الله) بنصرك وإظهارك على عدوك (حق).
(ولا يستخفنك) وقرأ يعقوب إلا روحا وزيدا: " يستخفنك " بسكون النون. قال الزجاج: لا يستفزنك عن دينك (الذين لا يوقنون) أي: هم ضلال شاكون. وقال غيره: لا يوقنون بالبعث والجزاء. وزعم بعض المفسرين أن هذه الآية منسوخة. و الله أعلم.