قوله تعالى: (وما ينبغي لهم) أي: أن ينزلوا بالقرآن (وما يستطيعون) أن يأتوا به من السماء، لأنهم قد حيل بينهم وبين السمع بالملائكة والشهب. (إنهم عن السمع) أي: عن الاستماع للوحي من السماء (لمعزولون) فكيف ينزلون به؟! وقال عطاء: عن سماع القرآن لمحجوبون، لأنهم يرجمون بالنجوم.
فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين (213) وأنذر عشيرتك الأقربين (214) واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين (215) فإن عصوك فقل إني برئ مما تعملون (216) وتوكل على العزيز الرحيم (217) الذي يراك حين تقوم (218) وتقلبك في الساجدين (219) إنه هو السميع العليم (220) قوله تعالى: (فلا تدع مع الله إلها آخر) قال ابن عباس: يحذر به غيره، يقول: أنت أكرم الخلق علي، ولو اتخذت من دوني إلها لعذبتك.
قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: قام رسول الله [صلى الله عليه و آله وسلم] حين أنزل الله [تعالى] " وأنذر عشيرتك الأقربين " فقال: " يا معشر قريش: اشتروا أنفسكم من الله، لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس ابن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، يا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت ما أغني عنك من الله شيئا " وفي بعض الألفاظ:
" سلوني من مالي ما شئتم " - وفي لفظ: " غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها " ومعنى قوله تعالى: (و انذر عشيرتك الأقربين): رهطك الأدنين. (فإن عصوك) يعني:
العشيرة (فقل إني بريء مما تعملون) من الكفر. و (و توكل على العزيز) أي: ثق به وفوض أمرك إليه، فهو عزيز في نقمته، رحيم لم يعجل بالعقوبة. وقرأ نافع، وابن عامر: " فتوكل " بالفاء، وكذلك في مصاحف أهل المدينة والشام. (الذي يراك حين تقوم) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: حين تقوم إلى الصلاة، قاله ابن عباس، ومقاتل.