والثاني: أنه قوله المؤمن لأصحابه، فقالوا له: إنك لا تموت، فقال: " إن هذا لهو الفوز العظيم "، قاله مقاتل. وقال أبو سليمان الدمشقي: إنما خاطب المؤمن أهل الجنة بهذا على طريق الفرح بدوام النعيم، لا على طريق الاستفهام، لأنه قد علم أنهم ليسوا بميتين، ولكن أعاد الكلام ليزداد بتكراره على سمعه سرورا.
والثالث: أنه قول المؤمن لقرينه الكافر على جهة التوبيخ بما كان ينكره، ذكره الثعلبي.
قوله تعالى: (لمثل هذا) يعنى النعيم الذي ذكره في قوله: (أولئك لهم رزق معلوم) (فليعمل العاملون)، وهذا ترغيب في طلب ثواب الله [عز وجل]. بطاعته أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم (62) إنا جعلناها فتنة للظالمين (63) إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم (64) طلعها كأنه رؤوس الشياطين (65) فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون (66) ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم (67) ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم (68) إنهم ألفوا آباءهم ضالين (69) فهم على آثارهم يهرعون (70) ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين (71) ولقد أرسلنا فيهم منذرين (72) فانظر كيف كان عاقبة المنذرين (73) إلا عباد الله المخلصين (74) (أذلك خير) يشير إلى ما وصف لأهل الجنة (نزلا) قال ابن قتيبة: أي: رزقا، ومنه: إقامة الأنزال، وأنزال الجنود: أرزاقها، وقال الزجاج: النزل هاهنا: الريع والفضل تقول: هذا طعام نزل ونزل، بتسكين الزاي وضمها، والمعنى: أذلك خير في باب الأنزال التي تتقوت ويمكن معها الإقامة، أم نزل أهل النار؟! وهو قوله تعالى: (أم شجرة الزقوم)؟
واختلف العلماء هل هذه الشجرة في الدنيا، أم لا؟
فقال قطرب: هي شجرة مرة تكون بأرض تهامة من أخبث الشجر. وقال غيره: الزقوم: ثمرة شجرة كريهة الطعم. وقيل: إنها لا تعرف في شجر الدنيا، وإنما هي في النار، يكره أهل النار على تناولها.