قوله تعالى: (فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا) قال ابن عباس: لم يسكنها إلا المسافرون ومار الطريق يوما أو ساعة، والمعنى: لم تسكن من بعدهم إلا سكنى قليلة (وكنا نحن الوارثين) أي: لم يخلفهم أحد بعد هلاكهم في منازلهم، فبقيت خرابا غير مسكونة.
وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون (59) وما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون (60) أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين (61) (وما كان ربك مهلك القرى) يعني القرى الكافر أهلها (حتى يبعث في أمها) أي: في أعظمها (رسولا)، وإنما خص الأعظم ببعثة الرسول، لأن الرسول إنما يبعث إلى الأشراف، وأشراف القوم ملوكهم، وإنما يسكنون المواضع التي هي أم ما حولها. وقال قتادة: أم القرى: مكة، والرسول: محمد [صلى الله عليه و آله و سلم] قوله تعالى: (يتلوا عليهم آياتنا) قال مقاتل: يخبرهم الرسول أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا.
قوله تعالى: (وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) أي: بظلمهم أهلكهم. وظلمهم:
شركهم. (وما أوتيتم من شئ) أي: ما أعطيتم من مال وخير (فمتاع الحياة الدنيا) تتمتعون به أيام حياتكم ثم يفنى وينقضي، (وما عند الله) من الثواب (خير وأبقى) أفضل وأدوم لأهله (أفلا تعقلون) أن الباقي أفضل من الفاني؟!
قوله تعالى: (أفمن وعدناه وعدا حسنا) اختلف فيمن نزلت على أربعة أقوال:
أحدها: أنها نزلت في رسول الله [صلى الله عليه و آله و سلم] وأبي جهل.
والثاني: في علي وحمزة [رضي الله عنهما]، وأبي جهل. والقولان مرويان عن مجاهد.
والثالث: في المؤمن والكافر، قاله قتادة.
والرابع: في عمار والوليد بن المغيرة، قاله السدي.
وفي الوعد الحسن قولان: