روايتان. وكذلك عن أحمد [رضي الله] عنه روايتان. ولكل قوم حجة ليس هذا موضعها، وأصحابنا ينصرون القول الأول.
(الإشارة إلى قصة الذبح) ذكر أهل العلم السير والتفسير أن إبراهيم لما أراد ذبح ولده، قال له: انطلق فنقرب قربنا إلى الله عز وجل، فأخذ سكينا وحبلا، ثم انطلق، حتى إذا ذهبا بين الجبال، قال له الغلام: يا أبت أين قربانك؟ قال: يا بني إني رأيت في المنام أني أذبحك، فقال له: اشدد رباطي حتى لا أضطرب، واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليك من دمي فتراه أمي فتحزن، وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون للموت علي، فإذا أتيت أمي فاقرأ عليها السلام مني، فأقبل عليه إبراهيم يقبله ويبكي ويقول: نعم العون أنت يا بني على أمر الله عز وجل، ثم إنه أمر السكين على حلقه فلم يحك شيئا. وقال مجاهد: لما أمرها على حلقه انقلبت، فقال: مالك؟ قال:
انقلبت، قال: اطعن بها طعنا. وقال السدي: ضرب الله على حلقه صفيحة من نحاس، وهذا لا يحتاج إليه، بل منعها بالقدرة أبلغ. قالوا: فلما طعن بها، نبت، وعلم الله منهما الصدق في التسليم، فنودي: يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، هذا فداء ابنك، فنظر إبراهيم، فإذا جبريل معه كبش أملح.
قوله تعالى: (فانظر ماذا ترى) لم يقل له ذلك على وجه المؤامرة في أمر الله عز وجل، ولكن أراد أن ينظر ما عنده من الرأي. وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: " ماذا تري " بضم التاء وكسر الراء، فيها قولان:
أحدهما: ماذا تريني من صبرك أو جزعك، قاله الفراء.
والثاني: ماذا تبين، قاله الزجاج. وقال غيره: ماذا تشير.
قوله تعالى: (افعل ما تؤمر) قال ابن عباس: افعل ما أوحي إليك من ذبحي (ستجدني إن شاء الله من الصابرين) على البلاء.
قوله تعالى: (فلما أسلما) أي: استسلما لأمر الله عز وجل وأطاعا ورضيا وقرأ علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، والأعمش وابن أبي عبلة:
" فلما سلما " بتشديد اللام من غير همز قبل السين، والمعنى: سلما لأمر الله عز وجل. وفي جواب قوله: " فلما أسلما " قولان:
أحدهما: أن جوابه: " وناديناه "، والواو زائدة، قاله الفراء.
والثاني: أن الجواب محذوف لأن في الكلام دليلا عليه، والمعنى: فلما فعل ذلك، سعد