وعاصم الجحدري: " فعميت " برفع العين وتشديد الميم، قال المفسرون: خفيت عليهم الحجج، وسميت أنباء، لأنها أخبار يخبر بها. قال ابن قتيبة: المعنى: عموا عنها - من شدة الهول - فلم يجيبوا، و " الأنباء " الحجج.
قوله تعالى: (فهم لا يتساءلون) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لا يسأل بعضهم بعضا عن الحجة، قاله الضحاك.
والثاني: أن المعنى: سكتوا فلا يتساءلون في تلك الساعة، قاله الفراء.
والثالث: لا يسأل بعضهم بعضا أن يحمل عنه شيئا من ذنوبه، حكاه الماوردي.
(فأما من تاب) من الشرك (وآمن) أي: صدق بتوحيد الله [عز وجل] (و عمل صالحا) أدى الفرائض (فعسى أن يكون من المفلحين) و " عسى " من الله [عز وجل] واجب.
وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون (68) وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون (69) وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون (70) قوله تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار) روى العوفي عن ابن عباس في قوله [تعالى]:
(وربك يخلق ما يشاء ويختار) قال: كانوا يجعلون لآلهتهم خير أموالهم في الجاهلية. وقال مقاتل: نزلت في الوليد بن المغيرة حين قال: " لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " والمعنى أنه لا تبعث الرسل باختيارهم. قال الزجاج: والوقف الجيد على قوله [تعالى]: " ويختار " وتكون " ما " نفيا، والمعنى: ليس لهم أن يختاروا على الله [تعالى]: ويجوز أن تكون " ما " بمعنى " الذي "، فيكون المعنى: ويختار الذي لهم فيه الخيرة مما يتعبدهم به ويدعوهم إليه، قال الفراء: والعرب تقول لما تختاره: أعطني الخيرة والخيرة والخيرة، قال ثعلب:
كلها لغات.
قوله تعالى: (ما تكن صدورهم) أي: ما تخفي من الكفر والعداوة (وما يعلنون) بألسنتهم.