فإن قيل: كيف قال: " إدراسين " وإنما الواحد إدريس، والمجموع إدريسي، لا إدراس ولا إدراسي؟.
فالجواب: أنه يجوز أن يكون لغة، كإبراهيم و إبراهام، ومثله:
قدني من نصر الخبيبين قدي وقرأ أبي بن كعب، وأبو نهيك: " سلام على ياسين " بحذف الهمزة واللام.
وإن لوطا لمن المرسلين (133) إذ نجيناه وأهله أجمعين (134) إلا عجوزا في الغابرين (135) ثم دمرنا الآخرين (136) وإنكم لتمرون عليهم مصبحين (137) وبالليل أفلا تعقلون (138) قوله تعالى: (إذ نجيناه) " إذ " هاهنا لا يتعلق بما قبله، لأنه لم يرسل إذ نجي، ولكنه يتعلق بمحذوف، تقديره: واذكر يا محمد إذ نجيناه. وقد تقدم تفسير ما بعد هذا إلى قوله تعالى:
(وإنكم لتمرون عليهم مصبحين) هذا خطاب لأهل مكة، كانوا إذا ذهبوا إلى الشام وجاؤوا، مروا على قرى قوم لوط صباحا ومساء، (أفلا تعقلون) فتعتبرون؟!
وإن يونس لمن المرسلين (139) إذ أبق إلى الفلك المشحون (140) فساهم فكان من المدحضين (141) فالتقمه الحوت وهو مليم (142) فلولا أنه كان من المسبحين (143) للبث في بطنه إلى يوم يبعثون (144) فنبذناه بالعراء وهو سقيم (145) وأنبتنا عليه شجرة من يقطين (146) وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون (147) فآمنوا فمتعناهم إلى حين (148) قوله تعالى: (إذ أبق) قال المبرد: تأويل " أبق ": تباعد، وقال أبو عبيدة: فزع، وقال الزجاج هرب، وقال بعض أهل المعاني: خرج ولم يؤذن له، فكان بذلك كالهارب من مولاه. قال الزجاج:
والفلك: السفينة، والمشحون: المملوء، وساهم بمعنى قارع، (من المدحضين) أي:
المغلوبين، قال ابن قتيبة: يقال: أدحض الله حجته، فدحضت، أي: أزالها فزالت، وأصل الدحض: الزلق.