قوله تعالى: (فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما) أي: بالقبطي (قال يا موسى) هذا قول الإسرائيلي من غير خلاف علمناه بين المفسرين، قالوا: لما رأى الإسرائيلي غضب موسى عليه حين قال له: " إنك لغوي مبين " ورآه قد هم أن يبطش بالفرعوني، ظن أنه يريده فخاف على نفسه (فقال يا موسى أتريد أن تقتلني) وكان قوم فرعون لم يعلموا من قاتل القبطي، إلا أنهم أتوا إلى فرعون فقالوا: إن بني إسرائيل قتلوا رجلا منا فخذ لنا بحقنا، فقال: ابغوني قاتله ومن يشهد عليه لآخذ لكم حقكم، فبينا هم يطوفون ولا يدرون من القاتل، وقعت هذه الخصومة بين الإسرائيلي والقبطي فلما قال الإسرائيلي لموسى: " أتريد أن تقتلني " انطلق القبطي إلى فرعون فأخبره أن موسى هو الذي قتل الرجل، فأمر بقتل موسى، فعلم بذلك رجل من شيعة موسى فأتاه فأخبره، فذلك قوله تعالى: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى). فأما الجبار، فقال السدي: هو القتال، وقد شرحناه في هود، وأقصى المدينة: آخرها وأبعدها، ويسعى، بمعنى يسرع. قال ابن عباس: وهذا الرجل هو مؤمن آل فرعون، وسيأتي الخلاف في اسمه في سورة المؤمن. فأما الملأ، فهم الوجوه من الناس والأشراف. و في قوله: (يأتمرون بك) ثلاثة أقوال:
أحدها: يتشاورون فيك ليقتلوك، قاله أبو عبيدة.
والثاني: يهمون بك، قاله ابن قتيبة.
والثالث: يأمر بعضهم بعضا بقتلك، قاله الزجاج.
فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين (21) ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل (22) ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير (23) فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير (24) فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين (25) قالت إحداهما يا أبت استأجرته إن خير من استأجرت القوي الأمين (26)