قوله تعالى: (واتقوا الذي خلقكم والجبلة) أي: وخلق الجبلة. وقيل: المعنى: واذكروا ما نزل بالجبلة (الأولين). وقرا الحسن، وأبو مجلز، وأبو رجاء، وابن يعمر، وابن أبي عبلة: " الجبلة " برفع الجيم والباء جميعا مشددة اللام. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والضحاك، وعاصم الجحدري: بكسر الجيم وتسكين الباء وتخفيف اللام. قال ابن قتيبة: الجبلة: الخلق، يقال: جبل فلان على كذا، أي: خلق، قال الشاعر:
وكان أعظم حادث * مما يمر على الجبلة قالوا إنما أنت من المسحرين (185) وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين (186) فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين (187) قال ربي أعلم بما تعملون (188) فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم (189) إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين (190) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (191) قوله تعالى: (فأسقط علينا كسفا) قال ابن قتيبة: أي قطعة (من السماء)، و " كسف " جمع " كسفة، كما يقال: قطع وقطعة.
قوله تعالى: (ربي أعلم بما تعملون) أي: من نقصان الكيل والميزان، والمعنى: إنه يجازيكم إن شاء، وليس عذابكم بيدي، (فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة) قال المفسرون: بعث الله عليهم حرا شديدا، فأخذ بأنفاسهم، فخرجوا من البيوت هربا إلى البرية، فبعث الله عليهم سحابة أظلتهم من الشمس، فوجدوا لها بردا، ونادى بعضهم بعضا، حتى إذا اجتمعوا تحتها، أرسل الله عليهم نارا، فكان ذلك من أعظم العذاب، والظلة: السحابة التي أظلتهم.
وإنه لتنزيل رب العالمين (192) نزل به الروح الأمين (193) على قلبك لتكون من المنذرين (194) بلسان عربي مبين (195) وإنه لفي زبر الأولين (196) أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل (197) ولو نزلناه على بعض الأعجمين (198) فقرأه عليهم ما