قوله تعالى: (فأقبل بعضهم على بعض) يعني أهل الجنة (يتساءلون) عن أحوال كانت في الدنيا.
(قال قائل منهم إني كان لي قرين) فيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه الصاحب في الدنيا.
والثاني: أنه الشريك، رويا عن ابن عباس.
والثالث: أنه الشيطان، قاله مجاهد.
والرابع: أنه الأخ، قال مقاتل: وهما الأخوان المذكوران في سورة الكهف في قوله تعالى:
(واضرب لهم مثلا رجلين)، والمعنى، كان لي صاحب أو أخ ينكر البعث، (يقول أئنك لمن المصدقين) قال الزجاج: هي مخففة الصاد، من صدق يصدق فهو مصدق، ولا يجوز هاهنا تشديد الصاد، قال المفسرون: والمعنى: أئنك لمن المصدقين بالبعث؟ وقرأ بكر بن عبد الرحمن القاضي عن حمزة: " المصدقين " بتشديد الصاد.
قوله تعالى: (أئنا لمدينون) أي: مجزيون بأعمالنا، يقال: دنته بما صنع، أي: جازيته.
فأحب المؤمن أن يرى قرينة الكافر، فقال لأهل الجنة: (هل أنتم مطلعون) أي: هل تحبون الاطلاع إلى النار لتعلموا أين منزلتكم من منزلة أهلها؟ وقرأ ابن عباس، والضحاك، وأبو عمران، وابن يعمر: " هل أنتم مطلعون " بإسكان الطاء وتخفيفها (فأطلع) بهمزة مرفوعة وسكون الطاء.
وقرأ أبو رزين وابن أبي عبلة: " مطلعون " بكسر النون قال ابن مسعود: اطلع ثم التفت إلى أصحابه فقال: لقد رأيت جماجم القوم تغلي، قال ابن عباس: وذلك أن في الجنة كوى ينظر منها أهلها إلى النار.
قوله تعالى: (فرآه) يعني قرينة الكافر (في سواء الجحيم) أي: في وسطها. وقيل: إنما سمي الوسط سواء، لاستواء المسافة منه إلى الجوانب. قال خليد العصري: والله لولا أن الله عرفه إياه، ما عرفه، لقد تغير حبره وسبره. فعند ذلك (قال تالله إن كدت لتردين) قال المفسرون: معناه:
والله ما كدت إلا تهلكني، يقال: أرديت فلانا، أي: أهلكته. (و لولا نعمة ربي) أي: إنعامه علي بالإسلام (لكنت من المحضرين) معك في النار.
قوله تعالى: (أفما نحن بميتين) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه إذا ذبح الموت، قال أهل الجنة: " أفما نحن بميتين، إلا موتتنا الأولى " التي كانت في الدنيا (و ما نحن بمعذبين) فيقال لهم: لا، فعند ذلك قالوا: (إن هذا لهو الفوز العظيم) فيقول الله تعالى: (لمثل هذا فليعمل العاملون)، قاله ابن السائب. وقيل: يقول ذلك للملائكة.