وفي قوله تعالى: (قبل أن يرتد إليك طرفك) أربعة أقوال:
أحدها: قبل أن يأتيك أقصى ما تنظر إليه، قاله سعيد بن جبير.
والثاني: قبل أن ينتهي طرفك إذا مددته إلى مداه، قاله وهب.
والثالث: قبل أن يرتد طرفك حسيرا إذا أمدت النظر، قاله مجاهد.
والرابع: بمقدار ما تفتح عينك ثم تطرف، قاله الزجاج: قال مجاهد: دعا فقال: يا ذا الجلال والإكرام، وقال ابن السائب: إنما قال: يا حي يا قيوم.
قوله تعالى: (فلما رآه) في الكلام محذوف، تقديره: فدعا الله فأتي به، فلما رآه، يعني:
سليمان (مستقرا عنده) أي: ثابتا بين يديه (قال هذا) يعني: التمكن من حصول المراد.
قوله تعالى: (أأشكر أم أكفر) فيه قولان:
أحدهما: أأشكر على السرير إذ أتيت به، أم أكفر إذا رأيت من هو دوني في الدنيا أعلم مني، قاله ابن عباس.
والثاني: أأشكر ذلك من فضل الله علي، أم أكفر نعمته بترك الشكر له، قاله ابن جرير.
قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون (41) فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين (42) وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين (43) قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمن لله رب العالمين (44) قوله تعالى: (قال نكروا لها عرشها) قال المفسرون: خافت الشياطين أن يتزوج سليمان بلقيس فتفشي إليه أسرار الجن، لأن أمها كانت جنية، فلا ينفكون من تسخير سليمان وذريته بعده، فأساؤوا الثناء عليها وقالوا: إن في عقلها شيئا، وإن رجلها كحافر الحمار، فأراد سليمان أن يختبر عقلها بتنكير عرشها، وينظر إلى قدميها ببناء الصرح. قال ابن قتيبة: ومعنى " نكروا ": غيروا،