قوله تعالى: (إنهم لكاذبون) أي: فيما ضمنوا من حمل خطاياهم.
قوله تعالى: (و ليحملن أثقالهم) أي: أوزار أنفسهم (وأثقالا مع أثقالهم) أي: أوزارا مع أوزارهم، وهي أوزار الذين أضلوهم، وهذا كقوله [تعالى]: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم) (وليسألن يوم القيامة) سؤال توبيخ وتقريع (عما كانوا يفترون) من الكذب على الله عز وجل، وقال مقاتل: عن قولهم: نحن الكفلاء بكل تبعة تصيبكم من الله تعالى.
ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون (14) فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين (15) قوله تعالى: (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه) و في هذه القصة تسلية للنبي صلى الله عليه و آله و سلم حيث أعلم أن الأنبياء قد ابتلوا قبله، وفيها وعيد شديد لمن أقام على الشرك، فإنهم وإن أمهلوا، فقد أمهل قوم نوح أكثر ثم أخذوا.
قوله تعالى: (فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) اختلفوا في عمر نوح على خمسة أقوال:
أحدها: بعث بعد أربعين سنة، وعاش في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم، وعاش بعد الطوفان ستين سنة، رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس.
والثاني: أنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، وعاش بعد ذلك سبعين عاما، فكان مبلغ عمره ألف سنة وعشرين سنة، قاله كعب الأحبار.
والثالث: أنه بعث وهو ابن خمسين وثلاثمائة، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاثمائة، قاله عون بن أبي شداد.
والرابع: أنه لبث فيهم قبل أن يدعوهم ثلاثمائة سنة، و لبث بعد الطوفان ثلاثمائة و خمسين سنة، قاله قتادة. وقال وهب بن منبه: بعث لخمسين سنة.
والخامس: أن هذه الآية بينت مقدار عمره كله، حكاه الماوردي. فإن قيل: ما فائدة قوله [تعالى]: " إلا خمسين عاما "، فهلا قال: تسعمائة وخمسين؟ فالجواب: أن المراد به تكثير العدد، وذكر الألف أفخم في