والثاني: أني سقيم القلب عليكم إذ تكهنتم بنجوم لا تضر ولا تنفع، ذكره ابن الأنباري.
والثالث: أنه سقم لعلة عرضت له، حكاه الماوردي. وذكر السدي أنه خرج معهم إلى يوم عيدهم، فلما كان ببعض الطريق، ألقى نفسه وقال: إني سقيم أشتكي رجلي، (فتولوا عنه مدبرين، فراغ إلى آلهتم) أي: مال إليها - وكانوا قد جعلوا بين يديها طعاما لتبارك فيه على زعمهم - (فقال) إبراهيم استهزاء بها (ألا تأكلون؟).
وقوله تعالى: (ضربا باليمين) في اليمين ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها اليد اليمنى، قاله الضحاك.
والثاني: بالقوة والقدرة، قاله السدي، والفراء.
والثالث: باليمين التي سبقت منه، وهي قوله: (تالله لأكيدن أصنامكم). حكاه الماوردي.
قال الزجاج: " ضربا " مصدر، والمعنى: فمال على الأصنام يضربها ضربا باليمين، وإنما قال: " عليهم "، وهي أصنام، لأنهم جعلوها بمنزلة ما يميز.
(فأقبلوا إليه يزفون) قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي: " يزفون " بفتح الياء وكسر الزاي وتشديد الفاء. وقرأ حمزة، والمفضل عن عاصم:
" يزفون " برفع الياء وكسر الزاي وتشديد الفاء. وقرأ ابن أبي عبلة، و أبو نهيك: " يزفون " بفتح الياء و سكون الزاي وتخفيف الفاء. قال الزجاج: أعرب القراءات فتح الياء وتشديد الفاء، وأصله من زفيف النعام، وهو ابتداء عدو النعام، يقال: زف النعام يزف، وأما ضم الياء، فمعناه:
يصيرون إلى الزفيف، وأنشدوا:
فأضحى حصين قد أذل وأقهر أي: صار إلى القهر. وأما كسر الزاي مع تخفيف الفاء، فهو من: وزف يزف، بمعنى أسرع يسرع، ولم يعرفه الكسائي ولا الفراء، وعرفه غيرهما.
قال المفسرون: بلغهم ما صنع إبراهيم، فأسرعوا، فلما انتهوا إليه، قال لهم محتجا عليهم. (أتعبدون ما تنحتون) بأيديكم (و الله خلقكم وما تعملون؟!)، قال ابن جرير: في " ما " وجهان:
أحدهما: أن تكون بمعنى المصدر، فيكون المعنى: والله خلقكم وعملكم.
والثاني: أن تكون بمعنى " الذي "، فيكون المعنى: والله خلقكم وخلق الذي تعملونه