الخوف على غيرهم، إلا من ظلم، فتكون " من " مستثناة. وقال ابن جرير: في الآية محذوف، تقديره: إلا من ظلم، فمن ظلم ثم بدل حسنا.
والثالث: أن " إلا " بمعنى الواو، فهو كقوله [تعالى]: (لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم)، حكاه الفراء عن بعض النحويين، ولم يرضه.
وقرأ أبي بن كعب، وسعيد بن جبير، والضحاك، وعاصم الجحدري، وابن يعمر: " ألا من ظلم " بفتح الهمزة وتخفيف اللام. و للمفسرين في المراد بالظلم هاهنا قولان:
أحدهما: المعاصي.
والثاني: الشرك. ومعنى " حسنا " توبة وندما.
وقرأ ابن مسعود، والضحاك، وأبو رجاء، والأعمش، وابن السميفع، وعبد الوارث عن أبي عمرو: " حسنا " بفتح الحاء والسين (بعد سوء) أي: بعد إساءة وقيل: الإشارة بهذا إلى أن موسى وإن كان قد ظلم نفسه بقتل القبطي، فإن الله يغفر له، لأنه ندم على ذلك وتاب.
قوله تعالى: (وأدخل يدك في جيبك) الجيب حيث جيب من القميص، أي: قطع. قال ابن جرير: إنما أمر بادخاله يده في جيبه، لأنه كان عليه حينئذ مدرعة من صوف ليس لها كم. والسوء:
البرص.
قوله تعالى: (في تسع آيات) قال الزجاج: " في " من صلة قوله: " وألق عصاك " " وأدخل يدك "، فالتأويل: أظهر هاتين الآيتين في تسع آيات. و " في " بمعنى " من "، فتأويله: من تسع آيات، تقول: خذ لي عشرا من الإبل فيها فحلان، أي: منها فحلان. وقد شرحنا الآيات في بني إسرائيل قوله تعالى: (إلى فرعون) أي: مرسلا إلى فرعون وقومه، فحذف ذلك لأنه معروف. (فلما جاءتهم آياتنا مبصرة) أي: بينة واضحة، وهو كقوله [تعالى]: (وآتينا ثمود الناقة مبصرة) وقد شرحناه.
قوله تعالى: (قالوا هذا) أي: هذا الذي نراه عيانا (سحر مبين). (وجحدوا بها) أي:
أنكروها (واستيقنتها أنفسهم) أنها من عند الله، (ظلما) أي: شركا وعلوا) أي: تكبرا. و قال الزجاج: المعنى: وجحدوا بها ظلما وعلوا، أي: ترفعا عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى وهم يعلمون أنها من عند الله.
ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده