من كل برج إلى غيره وأن كونها فيه مضاد لكونها في غيره دليل أنه لا يجوز أن يكون كونها في هذه البروج قديما لأن ذلك لو كان كذلك لوجب أن تكون في برج الحمل في حال كونها في برج الثور ولم تكن بأن تكون في أحد المكانين بأولى من أن تكون في الآخر إذا كان كونها فيهما قديما لم يزل موجودا ولا يزال كذلك موجودا وإذا لم يجز ذلك ثبت حدوث حركات هذه الأفلاك وأكوانها وثبت بذلك حدوثها لأنها عندنا وعندهم لم توجد قط منفكة من هذه الأكوان وما لم يسبق الحوادث فواجب كونه محدثا وقد أفسدنا من قبل قول من زعم أن الحوادث لا أول لها بما يغني عن رده فوجب القضاء على حدوث هذه الأجسام وقد قام الدليل على أن الجسم المحدث لا يصح أن يفعل في غيره وأنه لا توجد أفعاله إلا في نفسه فلم يجز أن تكون هذه الآثار الأرضية من فعل الأفلاك إذ ليست هذه الأفعال موجودة بذواتها.
وعلى أن هذه الأفلاك إذا ثبت حدثها بما وصفناه فلا تخلو من أن يكون لها محدث مدبر أو لا محدث لها ولا مدبر فإن لم يكن لها محدث جاز وقوع الآثار الأرضية والعلوية وسائر الحوادث من غير محدث هو فلك أو غيره وإن كان لها محدث فلا يخلو أن يكون أحدثها بالطبع أو بالقدرة والاختيار فإن كان أحدثها بالطبع وجب أن تكون قديمة لقدم الطبع الذي وجبت عنه على ما بيناه وخرجت عن أن تكون محدثة وقد بينا فساد ذلك من قبل وجاز أن تكون سائر الحوادث والتأثيرات حادثة بطبع ذلك الصانع المحدث لهذه الأفلاك دون طباع هذه الكواكب فتكون كل الحوادث واقعة بطبع ذلك الفاعل وإن كان أحدثها بالقدرة والاختيار فلا يخلو أن يكون