مجاهد: فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده حينئذ، يقول الذين آمنوا: أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد إيمانهم، إنهم لمعكم، حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين.
كذلك ذلك في مصاحف أهل المدينة بغير واو. وقرأ ذلك بعض البصريين: ويقول الذين آمنوا بالواو، ونصب يقول عطفا به على فعسى الله أن يأتي بالفتح. وذكر قارئ ذلك أنه كان يقول: إنما أريد بذلك: فعسى الله أن يأتي بالفتح، وعسى يقول الذين آمنوا.
ومحال غير ذلك، لأنه لا يجوز أن يقال: وعسى الله أن يقول الذين آمنوا، وكان يقول:
ذلك نحو قولهم: أكلت خبزا ولبنا، وكقول الشاعر:
ورأيت زوجك في الوغى * متقلدا سيفا ورمحا فتأويل الكلام على هذه القراءة: فعسى الله أن يأتي بالفتح المؤمنين، أو أمر من عنده يديلهم به على أهل الكفر من أعدائهم، فيصبح المنافقون على ما أسروا في أنفسهم نادمين، وعسى أن يقول الذين آمنوا حينئذ: هؤلاء الذين أقسموا بالله كذبا جهد أيمانهم إنهم لمعكم. وهي في مصاحف أهل العراق بالواو: ويقول الذين آمنوا. وقرأ ذلك قراء الكوفيين: ويقول الذين آمنوا بالواو ورفع يقول بالاستقبال والسلامة من الجوازم والنواصب.
وتأويل من قرأ ذلك كذلك: فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم يندمون، ويقول الذين آمنوا فيبتدئ يقول فيرفعها. وقراءتنا التي نحن عليها: ويقول بإثبات الواو في: ويقول، لأنها كذلك هي في مصاحفنا مصاحف أهل الشرق بالواو، وبرفع يقول على الابتداء.
فتأويل الكلام إذ كان القراءة عندنا على ما وصفنا: فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين، ويقول المؤمنون: أهؤلاء الذين حلفوا لنا بالله جهد أيمانهم كذبا إنهم لمعنا. يقول الله تعالى ذكره مخبرا عن حالهم عنده بنفاقهم وخبث أعمالهم: حبطت أعمالهم يقول: ذهبت أعمالهم التي عملوها في الدنيا باطلا لا ثواب لها ولا أجر، لأنهم عملوها على غير يقين منهم بأنها عليهم لله فرض واجب ولا على صحة إيمان بالله ورسوله، وإنما كانوا يعملونها ليدفعوا المؤمنين بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم، فأحبط الله أجرها إذ لم تكن له فأصبحوا خاسرين يقول: فأصبح هؤلاء المنافقون عند مجئ أمر