بمسارعتهم فيهم: مسارعتهم في موالاتهم ومصانعتهم. يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة يقول هؤلاء المنافقون: إنما نسارع في موالاة هؤلاء اليهود والنصارى خوفا من دائرة تدور علينا من عدونا. ويعني بالدائرة: الدولة، كما قال الراجز:
ترد عنك القدر المقدورا * ودائرات الدهر أن تدورا يعني: أن تدول للدهر دولة فنحتاج إلى نصرتهم إيانا، فنحن نواليهم لذلك. فقال الله تعالى ذكره لهم: فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين.
القول في تأويل قوله تعالى: فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين.
يعني تعالى ذكره بقوله: فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فلعل الله أن يأتي بالفتح. ثم اختلفوا في تأويل الفتح في هذا الموضع، فقال بعضهم،: عني به ههنا القضاء. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: فعسى الله أن يأتي بالفتح قال: بالقضاء.
وقال آخرون: عني به فتح مكة. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: فعسى الله أن يأتي بالفتح قال: فتح مكة.
والفتح في كلام العرب: هو القضاء كما قال قتادة، ومنه قول الله تعالى: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق. وقد يجوز أن يكون ذلك القضاء الذي وعد الله نبيه محمدا (ص) بقوله: فعسى الله أن يأتي بالفتح فتح مكة، لان ذلك كان من عظيم قضاء الله وفصل حكمة بين أهل الايمان والكفر، ويقرر عند أهل الكفر والنفاق أن الله معلي كلمته وموهن كيد الكافرين.
وأما قوله: أو أمر من عنده فإن السدي كان يقول في ذلك ما: