دون المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين، فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متول أحدا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه، ولذلك حكم من حكم من أهل العلم لنصارى بني تغلب في ذبائحهم ونكاح نسائهم وغير ذلك من أمورهم بأحكام نصارى بني إسرائيل، لموالاتهم إياهم ورضاهم بملتهم ونصرتهم لهم عليها، وإن كانت أنسابهم لأنسابهم مخالفة وأصل دينهم لأصل دينهم مفارقا. وفي ذلك الدلالة الواضحة على صحة ما نقول، من أن كل من كان يدين بدين فله حكم أهل ذلك الدين كانت دينونته به قبل مجئ الاسلام أو بعده، إلا أن يكون مسلما من أهل ديننا انتقل إلى ملة غيرها، فإنه لا يقر على ما دان به فانتقل إليه، ولكن يقتل لردته عن الاسلام ومفارقته دين الحق، إلا أن يرجع قبل القتل إلى الدين الحق، وفساد ما خالفه من قول من زعم أنه لا يحكم بحكم أهل الكتابين لمن دان بدينهم، إلا أن يكون إسرائيليا أو منتقلا إلى دينهم من غيرهم قبل نزول الفرقان. فأما من دان بدينهم بعد نزول الفرقان ممن لم يكن منهم ممن خالف نسبه نسبهم وجنسه جنسهم، فإنه حكمه لحكمهم مخالف. ذكر من قال بما قلنا من التأويل:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، قال: سئل ابن عباس عن ذبائح نصارى العرب، فقرأ: ومن يتولهم منكم فإنه منهم.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم أنها في الذبائح، من دخل في دين قوم فهو منهم.
حدثني المثنى، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كلوا من ذبائح بني تغلب، وتزوجوا من نسائهم، فإن الله يقول في كتابه: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ولو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا منهم.