حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
ولكن ليبلوكم فيما آتاكم قال عبد الله بن كثير: لا أعلمه إلا قال: ليبلوكم فيما آتاكم من الكتب.
فإن قال قائل: وكيف قال: ليبلوكم فيما آتاكم، ومن المخاطب بذلك، وقد ذكرت أن المعنى: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا لكل نبي مع الأنبياء الذين مضوا قبله وأممهم الذين قبل نبينا (ص)، والمخاطب النبي وحده؟ قيل: إن الخطاب وإن كان لنبينا (ص)، فإنه قد أريد به الخبر عن الأنبياء قبله وأممهم، ولكن العرب من شأنها إذا خاطبت إنسانا وضمت إليه غائبا فأرادت الخبر عنه أن تغلب المخاطب فيخرج الخبر عنهما على وجه الخطاب، فلذلك قال تعالى ذكره: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا.
القول في تأويل قوله تعالى: فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون.
يقول تعالى ذكره: فبادروا أيها الناس إلى الصالحان من الأعمال والقرب إلى ربكم بإدمان العمل بما في كتابكم الذي أنزله إلى نبيكم، فإنه إنما أنزله امتحانا لكم وابتلاء، ليتبين المحسن منكم من المسئ، فيجازي جميعكم على عمله جزاءه عند مصيركم إليه، فإن مصيركم إليه جميعا، فيخبر كل فريق منكم بما كان يخالف فيه الفرق الأخرى، فيفصل بينهم بفصل القضاء، ويبين المحق بمجازاته إياه بجناته من المسئ بعقابه إياه بالنار، فيتبين حينئذ كل حزب عيانا، المحق منهم من المبطل.
فإن قال قائل: أو لم ينبئنا ربنا في الدنيا قبل مرجعنا إليه ما نحن فيه مختلفون؟ فقيل:
إنه بين ذلك في الدنيا بالرسل والأدلة والحجج، دون الثواب والعقاب عيانا، فمصدق بذلك ومكذب. وأما عند المرجع إليه، فإنه ينبئهم بذلك بالمجازاة التي لا يشكون معها في معرفة المحق والمبطل، ولا يقدرون على إدخال اللبس معها على أنفسهم، فكذلك خبره تعالى ذكره أنه يبنئنا عند المرجع إليه بما كنا فيه نختلف في الدنيا. وإنما معنى ذلك: إلى الله مرجعكم جميعا، فتعرفون المحق حينئذ من المبطل منكم. كما:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا زيد بن حباب، عن أبي سنان، قال: سمعت الضحاك يقول: فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا قال: أمة محمد (ص) البر والفاجر. القول في تأويل قوله تعالى: *