صفتك في كتابنا وذلك أن في حديث أبي هريرة الذي رواه ابن إسحاق، عن الزهري، أن ابن صوريا قال لرسول الله (ص): أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعلمون أنك نبي مرسل، ولكنهم يحسدونك. فذلك كان على هذا الخبر من ابن صوريا إيمانا برسول الله (ص) بفيه، ولم يكن مصدقا لذلك بقلبه، فقال الله لنبيه محمد (ص) مطلعه على ضمير ابن صوريا وأنه لم يؤمن بقلبه، يقول: ولم يصدق قلبه بأنك لله رسول مرسل.
القول في تأويل قوله تعالى: ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك.
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد (ص): يا أيها الرسول، لا يحزنك تسرع من تسرع من هؤلاء المنافقين الذين يظهرون بألسنتهم تصديقك، وهم معتقدون تكذيبك إلى الكفر بك، ولا تسرع اليهود إلى جحود نبوتك. ثم وصف جل ذكره صفتهم ونعتهم له بنعوتهم الذميمة وأفعالهم الرديئة، وأخبره معزيا له على ما يناله من الحزن بتكذيبهم إياه مع علمهم بصدقه أنهم أهل استحلال الحرام والمآكل الرديئة والمطاعم الدنيئة من الرشا والسحت، وأنهم أهل إفك وكذب على الله وتحريف كتابه. ثم أعلمه أنه محل بهم خزيه في عاجل الدنيا، وعقابه في آجل الآخرة، فقال: هم سماعون للكذب يعني هؤلاء المنافقين من اليهود، يقول: هم يسمعون الكذب، وسمعهم الكذب: سمعهم قول أحبارهم أن حكم الزاني المحصن في التوراة: التحميم والجلد، سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يقول: يسمعون لأهل الزاني الذين أرادوا الاحتكام إلى رسول الله (ص)، وهم القوم الآخرون الذين لم يكونوا أتوا رسول الله (ص) وكانوا مصرين على أن يأتوه، كما قال مجاهد.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال مجاهد: سماعون لقوم آخرين لم يأتوك: مع من أتوك.
واختلف أهل التأويل في السماعون للكذب السماعون لقوم آخرين، فقال بعضهم:
سماعون لقوم آخرين يهود فدك، والقوم الآخرون الذين لم يأتوا رسول الله (ص) يهود المدينة. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة، قال: ثنا زكريا ومجالد، عن الشعبي، عن جابر في قوله: ومن الذين هادوا