وجاء بشرة قد كان منها * على خوف فجاء بها يصيح وأما القول في تقريبهما ما قربا، فإن الصواب فيه من القول أن يقال: إن الله عز ذكره أخبر عباده عنهما أنهما قد قربا، ولم يخبر أن تقريبهما ما قربا كان عن أمر الله إياهما به ولا عن غير أمره. وجائز أن يكون كان عن أمر الله إياهما بذلك، وجائز أن يكون عن غير أمره.
غير أنه أي ذلك كان فلم يقربا ذلك إلا طلب قربة إلى الله إن شاء الله.
وأما تأويل قوله: قال لأقتلنك فإن معناه: قال الذي لم يتقبل منه قربانه للذي تقبل منه قربانه: لأقتلنك فترك ذكر المتقبل قربانه والمردود عليه قربانه، استغناء بما قد جرى من ذكرهما عن إعادته، وكذلك ترك ذكر المقبل قربانه مع قوله: قال إنما يتقبل الله من المتقين.
وبنحو ما قلنا في ذلك روى الخبر عن ابن عباس:
حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: قال لأقتلنك فقال له أخوه: ما ذنبي إنما يتقبل الله من المتقين.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: إنما يتقبل الله من المتقين قال: يقول: إنك لو اتقيت الله في قربانك تقبل منك، جئت بقربان مغشوش بأشر ما عندك، وجئت أنا بقربان طيب بخير ما عندي قال: وكان قال: يتقبل الله منك ولا يتقبل مني.
ويعني بقوله: من المتقين: من الذين اتقوا الله وخافوه بأداء ما كلفهم من فرائضه واجتناب ما نهاهم عنه من معصيته.
وقد قال جماعة من أهل التأويل: المتقون في هذا الموضع الذين اتقوا الشرك. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك، قوله: إنما يتقبل الله من المتقين الذين يتقون الشرك.