عليهما. وافتتح قرية الجبارين إن شاء الله نبي الله موسى (ص) وعلى مقدمته يوشع، وذلك لاجماع أهل العلم بأخبار الأولين أن عوج بن عنق قتله موسى (ص)، فلو كان قتله إياه قبل مصيره في التيه وهو من أعظم الجبارين خلقا لم تكن بنو إسرائيل تجزع من الجبارين الجزع الذي ظهر منها، ولكن ذلك كان إن شاء الله بعد فناء الأمة التي جزعت وعصت ربها وأبت الدخول على الجبارين مدينتهم. وبعد: فإن أهل العلم بأخبار الأولين مجمعون على أن بلعم بن باعوراء كان ممن أعان الجبارين بالدعاء على موسى ومحال أن يكون ذلك كان وقوم موسى ممتنعون من حربهم وجهادهم، لان المعونة إنما يحتاج إليها من كان مطلوبا، فأما ولا طالب فلا وجه للحاجة إليها.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن نوف، قال: كان سرير عوج ثمانمائة ذراع، وكان طول موسى عشرة أذرع وعصاه عشرة أذرع ووثب في السماء عشرة أذرع، فضرب عوجا فأصاب كعبه، فسقط ميتا، فكان جسرا للناس يمرون عليه.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عطية، قال: ثنا قيس، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانت عصا موسى عشرة أذرع ووثبته عشرة أذرع وطوله عشرة أذرع، فوثب فأصاب كعب عوج فقتله، فكان جسرا لأهل النيل سنة.
ومعنى: يتيهون في الأرض: يحارون فيها ويضلون، ومن ذلك قيل للرجل الضال عن سبيل الحق تائه. وكان تيههم ذلك أنهم كانوا يصبحون أربعين سنة كل سنة يوم جادين في قدر ستة فراسخ للخروج منه، فيمسون في الموضع الذي ابتدأوا السير منه.
حدثني بذلك المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: تاهت بنو إسرائيل أربعين سنة، يصبحون حيث أمسوا، ويمسون حيث أصبحوا في تيههم.
القول في تأويل قوله: فلا تأس على القوم الفاسقين.