النساء يقول: أو جامعتم النساء وأنتم مسافرون. وقد ذكرنا اختلاف المختلفين فيما مضى قبل في اللمس وبينا أولى الأقوال في ذلك بالصواب فيما مضى بما أغنى عن إعادته.
فإن قال قائل: وما وجه تكرير قوله: أو لامستم النساء إن كان معنى اللمس الجماع، وقد مضى ذكر الواجب عليه بقوله: وإن كنتم جنبا فاطهروا؟ قيل: وجه تكرير ذلك أن المعنى الذي ذكره تعالى من فرضه بقوله: وإن كنتم جنبا فاطهروا غير المعنى الذي ألزمه بقوله: أو لامستم النساء وذلك أنه بين حكمه في قوله: وإن كنتم جنبا فاطهروا إذا كان له السبيل إلى الماء الذي يطهره فرض عليه الاغتسال به ثم بين حكمه إذا أعوزه الماء فلم يجد إليه السبيل وهو مسافر غير مريض مقيم، فأعلمه أن التيمم بالصعيد له حينئذ الطهور.
القول في تأويل قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه.
يعني جل ثناؤه بقوله: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فإن لم تجدوا أيها المؤمنون إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم مرضى مقيمون، أو على سفر أصحاء، أو قد جاء أحد منكم من قضاء حاجته، أو جامع أهله في سفره ماء فتيمموا صعيدا طيبا، يقول: فتعمدوا واقصدوا وجه الأرض طيبا، يعني طاهرا نظيفا غير قذر ولا نجس، جائزا لكم حلالا.
فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه يقول: فاضربوا بأيديكم الصعيد الذي تيممتموه وتعمدتموه بأيديكم، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم مما علق بأيديكم منه، يعني: من الصعيد الذي ضربتموه بأيديكم من ترابه وغباره. وقد بينا فيما مضى كيفية المسح بالوجوه والأيدي منه واختلاف المختلفين في ذلك والقول في معنى الصعيد والتيمم، ودللنا على الصحيح من القول في كل ذلك بما أغنى عن تكريره في هذا الموضع.
القول في تأويل قوله تعالى: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج.
يعني جل ثناؤه بقوله: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ما يريد الله بما فرض عليكم من الوضوء إذا قمتم إلى صلاتكم، والغسل من جنابتكم والتيمم صعيدا طيبا عند عدمكم الماء، ليجعل عليكم من حرج ليلزمكم في دينكم من ضيق، ولا ليعنتكم فيه.
وبما قلنا في معنى الحرج، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: