فقد أنبأ هذا الخبر عن صحة ما قلنا في معنى حديث أوس.
فإن قال: فإن حديث أوس، وإن كان محتملا من المعنى ما قلت، فإنه محتمل أيضا ما قاله من قال: إنه معني به المسح على النعلين أو القدمين في وضوء توضأه رسول الله (ص) من حدث؟ قيل: أحسن حالات الخبر، ما احتمل ما قلت، إن سلم له ما ادعى من احتماله ما ذكر من المسح على القدم أو النعل بعد الحدث وإن كان ذلك غير محتمله عندنا، إذ كان غير جائز أن تكون فرائض الله وسنن رسول الله (ص) متنافية متعارضة، وقد صح عنه (ص) الامر بعموم غسل القدمين في الوضوء بالماء بالنقل المستفيض القاطع عذر من انتهى إليه وبلغه. وإذا كان ذلك عنه صحيحا، فغير جائز أن يكون صحيحا عنه إباحة ترك غسل بعض ما قد أوجب فرضا غسله في حال واحدة ووقت واحد، لان ذلك إيجاب فرض وإبطاله في حال واحدة، وذلك عن أحكام الله وأحكام رسوله (ص) منتف. غير أنا إذا سلمنا لمن ادعى في حديث أوس ما ادعى من احتماله مسح النبي (ص) على قدمه في حال وضوء من حدث، ففيه نبأ بالفلج عليه، فإنه لا حجة له في ذلك. قلنا: فإذا كان محتملا ما ادعيت، أفمحتمل هو ما قلناه إن ذلك كان من النبي (ص) في حال وضوئه لا من حدث. فإن قال: لا، ثبتت مكابرته لأنه لا بيان في خبر أوس أن النبي (ص) فعل ذلك في وضوء من حدث، وإن قال: بل هو محتمل ما قلت ومحتمل ما قلنا قيل له: فما البرهان على أن تأويلك الذي ادعيت فيه أولى به من تأويلنا؟ فلن يدعي برهانا على صحة دعواه في ذلك إلا عورض بمثله في خلاف دعواه. وأما حديث حذيفة، فإن الثقات الحفاظ من أصحاب الأعمش، حدثوا به عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، أن النبي (ص) أتى سباطة قوم، فبال قائما، ثم توضأ ومسح على خفيه.
حدثنا بذلك أحمد بن عبدة الضبي، قال: ثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي