ببعض ما جاء به جاحد، ومن جحد نبوة نبي فهو به مكذب. وهؤلاء الذين جحدوا نبوة بعض الأنبياء وزعموا أنهم مصدقون ببعض، مكذبون من زعموا أنهم به مؤمنون، لتكذيبهم ببعض ما جاءهم به من عند ربهم، فهم بالله وبرسله الذين يزعمون أنهم بهم مصدقون، والذين يزعمون أنهم بهم مكذبون كافرون، فهم الجاحدون وحدانية الله ونبوة أنبيائه، حق الجحود المكذبون بذلك حق التكذيب، فاحذروا أن تغتروا بهم وببدعتهم، فإنا قد أعتدنا لهم عذابا مهينا.
وأما قوله: وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا فإنه يعني: وأعتدنا لمن جحد بالله ورسوله جحود هؤلاء الذين وصفت لكم أيها الناس أمرهم من أهل الكتاب ولغيرهم من سائر أجناس الكفار عذابا في الآخرة مهينا، يعني: يهين من عذب به بخلوده فيه.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا أولئك أعداء الله اليهود والنصارى، آمنت اليهود بالتوراة وموسى وكفروا بالإنجيل وعيسى وآمنت النصارى بالإنجيل وعيسى وكفروا بالقرآن وبمحمد (ص)، فاتخذوا اليهودية والنصرانية، وهما بدعتان ليستا من الله، وتركوا الاسلام وهو دين الله الذي بعث به رسله.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله يقولون:
محمد ليس برسول لله وتقول اليهود: عيسى ليس برسول لله، فقد فرقوا بين الله وبين رسله.
ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض فهؤلاء يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قوله: إن الذين يكفرون بالله ورسله... إلى قوله: بين ذلك سبيلا قال: اليهود والنصارى: آمنت اليهود بعزير وكفرت بعيسى، وآمنت النصارى بعيسى وكفرت بعزير، وكانوا يؤمنون بالنبي ويكفرون بالآخر. ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا قال: دينا يدينون به الله. القول في تأويل قوله تعالى: *