كعب القرظي، قال: جاء أناس من اليهود إلى رسول الله (ص)، فقالوا: إن موسى جاء بالألواح من عند الله، فأتنا بالألواح من عند الله حتى نصدقك فأنزل الله: يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء... إلى قوله: وقولهم على مريم بهتانا عظيما.
وقال آخرون: بل سألوه أن ينزل عليهم كتابا خاصة لهم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء أي كتابا خاصة فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة.
وقال آخرون: بل سألوه أن ينزل على رجال منهم بأعيانهم كتبا بالأمر بتصديقه واتباعه. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قوله: يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء وذلك أن اليهود والنصارى أتوا النبي (ص)، فقالوا: لن نتابعك على ما تدعونا إليه، حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان أنك رسول الله، وإلى فلان بكتاب أنك رسول الله قال الله جل ثناؤه: يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن أهل التوراة سألوا رسول الله (ص) أن يسأل ربه أن ينزل عليهم كتابا من السماء آية، معجزة جميع الخلق عن أن يأتوا بمثلها، شاهدة لرسول الله (ص) بالصدق، آمرة لهم باتباعه. وجائز أن يكون الذي سألوه من ذلك كتابا مكتوبا ينزل عليهم من السماء إلى جماعتهم، وجائز أن يكون ذلك كتبا إلى أشخاص بأعينهم. بل الذي هو أولى بظاهر التلاوة أن تكون مسألتهم إياه ذلك كانت مسألة لينزل الكتاب الواحد إلى جماعتهم لذكر الله تعالى في خبره عنهم الكتاب بلفظ الواحد، بقوله: يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء ولم يقل: كتبا.
وأما قوله: فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فإنه توبيخ من الله جل ثناؤه سائلي الكتاب الذي سألوا رسول الله (ص) أن ينزله عليهم من السماء في مسألتهم إياه ذلك، وتقريع منه لهم. يقول لنبيه (ص): يا محمد لا يعظمن عليك مسألتهم ذلك، فإنهم من جهلهم بالله