عليه السلام من مكروه ما أرادوا به من القتل، ويبتلي به من أراد ابتلاءه من عباده في قيله في عيسى وصدق الخبر عن أمره. أو القول الذي رواه عبد العزيز عنه.
وإنما قلنا: ذلك أولى القولين بالصواب، لان الذين شهدوا عيسى من الحواريين لو كانوا في حال ما رفع عيسى، وألقى شبهه على من ألقى عليه شبهه، كانوا قد عاينوا عيسى هو يرفع من بينهم، وأثبتوا الذي ألقى عليه شبهه، وعاينوه متحولا في صورته بعد الذي كان به من صورة نفسه بمحضر منهم، لم يخف ذلك من أمر عيسى، وأمر من ألقي عليه شبهه عليهم مع معاينتهم ذلك كله، ولم يلتبس ولم يشكل عليهم وإن أشكل على غيرهم من أعدائهم من اليهود أن المقتول والمصلوب كان غير عيسى، وأن عيسى رفع من بينهم حيا.
وكيف يجوز أن يكون كان أشكل ذلك عليهم، وقد سمعوا من عيسى مقالته: من يلقى عليه شبهي ويكون رفيقي في الجنة؟ إن كان قال لهم ذلك، وسمعوا جواب مجيبه منهم: أنا، وعاينوا تحول المجيب في صورة عيسى بعقب جوابه. ولكن ذلك كان إن شاء الله على نحو ما وصف وهب بن منبه، إما أن يكون القوم الذين كانوا مع عيسى في البيت الذي رفع منه من حواريه حولهم الله جميعا في صورة عيسى حين أراد الله رفعه، فلم يثبتوا عيسى معرفة بعينه من غيره لتشابه صور جميعهم، فقتلت اليهود منهم من قتلت وهم يرونه بصورة عيسى ويحسبونه إياه، لأنهم كانوا به عارفين قبل ذلك، وظن الذين كانوا في البيت مع عيسى مثل الذي ظنت اليهود، لأنهم لم يميزوا شخص عيسى من شخص غيره لتشابه شخصه وشخص غيره ممن كان معه في البيت، فاتفقوا جميعهم أعني اليهود والنصارى من أجل ذلك على أن المقتول كان عيسى، ولم يكن به، ولكنه شبه لهم، كما قال الله جل ثناؤه: وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم. أو يكون الامر في ذلك كان على نحو ما روى عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه، أن القوم الذين كانوا مع عيسى في البيت تفرقوا عنه قبل أن يدخل عليه اليهود، وبقي عيسى، وألقي شبهه على بعض أصحابه الذين كانوا معه في البيت بعد ما تفرق القوم غير عيسى وغير الذي ألقى عليه شبهه، ورفع عيسى. فقتل الذي تحول في صورة عيسى من أصحابه، وظن أصحابه واليهود أن الذي قتل وصلب هو عيسى لما رأوا من شبهه به وخفاء أمر عيسى عليهم لان رفعه وتحول المقتول في صورته كان بعد تفرق أصحابه عنه، وقد كانوا سمعوا عيسى من الليل ينعي نفسه ويحزن لما قد ظن