كذلك، وكان قوله: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة آخرها نزولا وكان ذلك من الاحكام والفرائض، كان معلوما أن معنى قوله: اليوم أكملت لكم دينكم على خلاف الوجه الذي تأوله من تأوله، أعني: كمال العبادات والاحكام والفرائض.
فإن قال قائل: فما جعل قول من قال: قد نزل بعد ذلك فرض أولى من قول من قال:
لم ينزل؟ قيل لان الذي قال لم ينزل، مخبر أنه لا يعلم نزول فرض، والنفي لا يكون شهادة، والشهادة قول من قال: نزل، وغير جائز دفع خبر الصادق فيما أمكن أن يكون فيه صادقا.
القول في تأويل قوله تعالى: وأتممت عليكم نعمتي.
يعني جل ثناؤه بذلك: وأتممت نعمتي أيها المؤمنون بإظهاركم على عدوي وعدوكم من المشركين، ونفيي إياهم عن بلادكم، وقطعي طمعهم من رجوعكم، وعودكم إلى ما كنتم عليه من الشرك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قال: كان المشركون والمسلمون يحجون جميعا، فلما نزلت براءة، فنفي المشركين عن البيت، وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين، فكأن ذلك من تمام النعمة: وأتممت عليكم نعمتي.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي... الآية، ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله (ص) يوم عرفة يوم جمعة، حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام، وأخلص للمسلمين حجهم.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: ثنا داود، عن الشعبي، قال:
نزلت هذه الآية بعرفات، حيث هدم منار الجاهلية، واضمحل الشرك، ولم يحج معهم في ذلك العام مشرك.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عامر في هذه الآية: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي قال: نزلت على رسول الله (ص)