النبي (ص): ما يبكيك؟ قال أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذ كمل فإنه لم يكمل شئ إلا نقص، فقال: صدقت.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أحمد بن بشير، عن هارون بن أبي وكيع، عن أبيه، فذكر نحو ذلك.
وقال آخرون: معنى ذلك: اليوم أكملت لكم دينكم: حجكم، فأفردتم بالبلد الحرام تحجونه أنتم أيها المؤمنون دون المشركين لا يخالطكم في حجكم مشرك. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن أبي عتبة، عن أبيه، عن الحكم:
اليوم أكملت لكم دينكم قال: أكمل لهم دينهم أن حجوا ولم يحج معهم مشرك.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: اليوم أكملت لكم دينكم قال: أخلص الله لهم دينهم، ونفى المشركين عن البيت.
حدثنا أحمد بن حازم، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا قيس، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: اليوم أكملت لكم دينكم قال: تمام الحج، ونفي المشركين عن البيت.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله عز وجل أخبر نبيه (ص) والمؤمنين به، أنه أكمل لهم يوم أنزل هذه الآية على نبيه دينهم، بإفرادهم بالبلد الحرام، وإجلائه عنه المشركين، حتى حجه المسلمون دونهم، لا يخالطونهم المشركون. فأما الفرائض والاحكام، فإنه قد اختلف فيها، هل كانت أكملت ذلك اليوم أم لا؟ فروي عن ابن عباس والسدي ما ذكرنا عنهما قبل. وروي عن البراء بن عازب أن آخر آية نزلت من القرآن:
يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة. ولا يدفع ذو علم أن الوحي لم ينقطع عن رسول الله (ص) إلى أن قبض، بل كان الوحي قبل وفاته أكثر ما كان تتابعا. فإذ كان ذلك