واحد منهما حكما من قبله، لينظر في أمرهما، وكان لكل واحد منهما ممن بعثه من قبله في ذلك طاقة على صاحبه ولصاحبه عليه، فتوكيله بذلك من وكل جائز له وعليه، وإن وكله ببعض ولم يوكله بالجميع، كان ما فعله الحكم مما وكله به صاحبه ماضيا جائزا على ما وكله به وذلك أن يوكله أحدهما بماله دون ما عليه، أو لم يوكل كل واحد من الزوجين بماله وعليه، أو بما له، أو بما عليه، فليس للحكمين كليهما إلا ما اجتمعا عليه دون ما انفرد به أحدهما. وإن لم يوكلهما واحدا منها بشئ، وإنما بعثاهما للنظر ليعرفا الظالم من المظلوم منهما ليشهدا عليهما عند السلطان إن احتاجا إلى شهادتهما، لم يكن لهما أن يحدثا بينهما شيئا غير ذلك من طلاق أو أخذ مال أو غير ذلك، ولم يلزم الزوجين ولا واحدا منهما شئ من ذلك.
فإن قال قائل: وما معنى الحكمين إذ كان الامر على ما وصفت؟ قيل: قد اختلف في ذلك، فقال بعضهم: معنى الحكم: النظر العدل، كما قال الضحاك بن مزاحم في الخبر الذي ذكرناه، الذي:
حدثنا به يحيى بن أبي طالب، عن يزيد، عن جويبر، عنه: لا، أنتما قاضيان تقضيان بينهما.
على السبيل التي بينا من قوله.
وقال آخرون: معنى ذلك: أنهما القاضيان يقضيان بينهما ما فوض إليهما الزوجان.
وأي الامرين كاف ليس لهما ولا لواحد منهما الحكم بينهما بالفرقة، ولا بأخذ مال إلا برضا المحكوم عليه بذلك، وإلا ما لزم من حق لاحد الزوجين على الآخر في حكم الله، وذلك ما لزم الرجل لزوجته من النفقة والامساك بمعروف إن كان هو الظالم لها. فأما غير ذلك فليس ذلك لهما ولا لاحد من الناس غيرهما، لا السلطان، ولا غيره، وذلك أن الزوج إن كان هو الظالم للمرأة فللامام السبيل إلى أخذه بما يجب لها عليه من حق، وإن كانت المرأة هي الظالمة زوجها الناشزة عليه، فقد أباح الله له أخذ الفدية منها وجعل إليه طلاقها على ما قد بيناه في سورة البقرة. وإذ كان الامر كذلك لم يكن لاحد الفرقة بين رجل وامرأة بغير