القول في تأويل قوله تعالى: * (قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: * (قل متاع الدنيا قليل) *: قل يا محمد لهؤلاء القوم الذين قالوا * (ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب) * عيشكم في الدنيا وتمتعكم بها قليل، لأنها فانية، وما فيها فان، * (والآخرة خير) * يعني: ونعيم الآخرة خير، لأنها باقية، ونعيمها باق دائم. وإنما قيل: والآخرة خير ومعنى الكلام ما وصفت من أنه معنى به نعيمها، لدلالة ذكر الآخرة بالذي ذكرت به على المعنى المراد منه * (لمن اتقى) * يعني: لمن اتقى الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، فأطاعه في كل ذلك. * (ولا تظلمون فتيلا) * يعني:
ولا ينقصكم الله من أجور أعمالكم فتيلا، وقد بينا معنى الفتيل فيما مضى بما أغنى عن إعادته ههنا. القول في تأويل قوله تعالى: * (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: حيثما تكونوا ينلكم الموت فتموتوا، * (ولو كنتم في بروج مشيدة) * يقول: لا تجزعوا من الموت ولا تهربوا من القتال وتضعفوا عن لقاء عدوكم حذرا على أنفسكم من القتل والموت، فإن الموت بإزائكم أين كنتم، وواصل إلى أنفسكم حيث كنتم ولو تحصنتم منه بالحصون المنيعة.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: * (ولو كنتم في بروج مشيدة) * فقال بعضهم:
يعنى به: قصور محصنة. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (ولو كنتم في بروج مشيدة) * يقول: في قصور محصنة.
حدثني علي بن سهل، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا أبو همام، قال: ثنا كثير أبو الفضل، عن مجاهد، قال: كان فيمن قبلكم امرأة، وكان لها أجير،