وإعزاز أهله، حتى أمكنكم إظهار ما كنتم تستخفون به، من توحيده وعبادته، حذرا من أهل الشرك. القول في تأويل قوله تعالى: * (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: * (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون) *: لا يعتدل المتخلفون عن الجهاد في سبيل الله من أهل الايمان بالله وبرسوله، المؤثرون الدعة والخفض والقعود في منازلهم على مقاساة حزونة الاسفار والسير في الأرض ومشقة ملاقاة أعداء الله بجهادهم في ذات الله وقتالهم في طاعة الله، إلا أهل العذر منهم بذهاب أبصارهم، وغير ذلك من العلل التي لا سبيل لأهلها للضرر الذي بهم إلى قتالهم وجهادهم في سبيل الله والمجاهدون في سبيل الله، ومنهاج دينه، لتكون كلمة الله هي العليا، المستفرغون طاقتهم في قتال أعداء الله وأعداء دينهم بأموالهم، إنفاقا لها فيما أوهن كيد أعداء أهل الايمان بالله وبأنفسهم، مباشرة بها قتالهم، بما تكون به كلمة الله العالية، وكلمة الذين كفروا السافلة.
واختلفت القراء في قراءة قوله: * (غير أولي الضرر) *، فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة ومكة والشام: غير أولي الضرر) * نصبا، بمعنى: إلا أولي الضرر. وقرأ ذلك عامة قراء أهل العراق والكوفة والبصرة: * (غير أولي الضرر) * برفع غير على مذهب النعت للقاعدين.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا: غير أولي الضرر بنصب غير، لان الاخبار متظاهرة بأن قوله: غير أولي الضرر نزل بعد قوله: * (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم) * استثناء من قوله: * (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون) *. ذكر بعض الأخبار الواردة بذلك:
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن البراء: أن رسول الله (ص) قال: ائتوني بالكتف واللوح! فكتب: * (لا