(ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: * (ولو أنا كتبنا عليكم أن اقتلوا أنفسكم) *: ولو أنا فرضنا على هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك المحتكمين إلى الطاغوت أن يقتلوا أنفسهم، وأمرناهم بذلك، أو أن يخرجوا من ديارهم مهاجرين منها إلى دار أخرى سواها ما فعلوه، يقول: ما قتلوا أنفسهم بأيديهم، ولا هاجروا من ديارهم فيخرجوا عنها إلى الله ورسوله طاعة لله ولرسوله، إلا قليل منهم.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى: * (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم) * هم يهود - يعني: والعرب كما أمر أصحاب موسى عليه السلام.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: * (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم) * كما أمر أصحاب موسى أن يقتل بعضهم بعضا بالخناجر لم يفعلوا إلا قليل منهم.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم) * افتخر ثابت بن قيس بن شماس ورجل من يهود، فقال اليهودي: والله لقد كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم، فقتلنا أنفسنا! فقال ثابت: والله لو كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم لقتلنا أنفسنا! فأنزل الله في هذا: * (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا) *.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن إسماعيل، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: لما نزلت: * (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم) * قال رجل: لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا!
فبلغ ذلك النبي (ص)، فقال: إن من أمتي لرجالا الايمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي.