يعني بذلك جل ثناؤه: والذين ملكتموهم من أرقائكم. فأضاف الملك إلى اليمين، كما يقال: تكلم فوك، ومشت رجلك، وبطشت يدك، بمعنى: تكلمت، ومشيت، وبطشت. غير أن ما وصفت به كل عضو من ذلك، فإنما أضيف إليه ما وصفت به، لأنه بذلك يكون في المتعارف في الناس دون سائر جوارح الجسد، فكان معلوما بوصف ذلك العضو بما وصف به من ذلك المعنى المراد من الكلام، فكذلك قوله: * (وما ملكت أيمانكم) * لان مماليك أحدنا تحت يده، إنما يطعم ما تناوله أيماننا ويكتسي ما تكسوه وتصرفه فيما أحب صرفه فيه بها. فأضيف ملكهم إلى الايمان لذلك.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: * (وما ملكت أيمانكم) * مما خولك الله كل هذا أوصى الله به.
وإنما يعني مجاهد بقوله: كل هذا أوصى الله به الوالدين وذا القربى واليتامى والمساكين والجار ذا القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب، وابن السبيل، فأوصى ربنا جل جلاله بجميع هؤلاء عباده إحسانا إليهم، وأمر خلقه بالمحافظة على وصيته فيهم، فحق على عباده حفظ وصية الله فيهم ثم حفظ وصية رسوله (ص).
القول في تأويل قوله تعالى: * (إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: * (إن الله لا يحب من كان مختالا) *: إن الله لا يحب من كان ذا خيلاء، والمختال المفتعل من قولك: خال الرجل فهو يخول خولا وخالا، ومنه قول الشاعر:
فإن كنت سيدنا سدتنا * وإن كنت للخال فاذهب فخل