يعني بقوله جل ثناؤه: * (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك) *: فجاهد يا محمد أعداء الله من أهل الشرك به في سبيل الله، يعني: في دينه الذي شرعه لك، وهو الاسلام، وقاتلهم فيه بنفسك. فأما قوله: * (لا تكلف إلا نفسك) * فإنه يعني: لا يكلفك الله فيما فرض عليك من جهاد عدوه وعدوك، إلا ما حملك من ذلك دون ما حمل غيرك منه:
أي إنك إنما تتبع بما اكتسبته دون ما اكتسبه غيرك، وإنما عليك ما كلفته دون ما كلفه غيرك. ثم قال له: * (وحرض المؤمنين) * يعني: وحضهم على قتال من أمرتك بقتالهم معك. * (عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا) * يقول: لعل الله أن يكف قتال من كفر بالله وجحد وحدانيته، وأنكر رسالتك عنك وعنهم ونكايتهم. وقد بينا فيما مضى أن عسى من الله واجبة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. * (والله أشد بأسا وأشد تنكيلا) * يقول: والله أشد نكاية في عدوه من أهل الكفر به منهم فيك يا محمد وفي أصحابك، فلا تنكلن عن قتالهم، فإني راصدهم بالبأس والنكاية والتنكيل والعقوبة، لأوهن كيدهم وأضعف بأسهم وأعلي الحق عليهم. والتنكيل مصدر من قول القائل: نكلت بفلان، فأنا أنكل به تنكيلا:
إذا أوجعته عقوبة. كما:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (وأشد تنكيلا) *: أي عقوبة. القول في تأويل قوله تعالى: * (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شئ مقيتا) *..
يعني بقوله جل ثناؤه: * (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها) * من يصر يا محمد شفعا لوتر أصحابك، فيشفعهم في جهاد عدوهم وقتالهم في سبيل الله، وهو الشفاعة الحسنة * (يكن له نصيب منها) * يقوله: يكن له من شفاعته تلك نصيب، وهو الحظ من ثواب الله، وجزيل كرامته. * (ومن يشفع شفاعة سيئة) * يقول: ومن يشفع وتر أهل الكفر بالله على المؤمنين به، فيقاتلهم معهم، وذلك هو الشفاعة السيئة * (يكن له كفل منها) * يعني: بالكفل النصيب والحظ من الوزر والاثم. وهو مأخوذ من كفل البعير والمركب،