التي بعده، إلى قوله: * (فسوف نصليه نارا) *. فكان قوله: * (ومن يفعل ذلك) * معنيا به ما قلنا مما لم يقرن بالوعيد مع إجماع الجميع على أن الله تعالى قد توعد على كل ذلك أولى من أن يكون معنيا به ما سلف فيه الوعيد بالنهي مقرونا قبل ذلك.
وأما قوله: * (عدوانا) * فإنه يعني به: تجاوزا لما أباح الله له إلى ما حرمه عليه، * (وظلما) * يعني: فعلا منه ذلك بغير ما أذن الله به، وركوبا منه ما قد نهاه الله عنه. وقوله:
* (فسوف نصليه نارا) * يقول: فسوف نورده نارا يصلى بها فيحترق فيها. * (وكان ذلك على الله يسيرا) * يعني: وكان إصلاء فاعل ذلك النار وإحراقه بها على الله سهلا يسيرا، لأنه لا يقدر على الامتناع على ربه مما أراد به من سوء. وإنما يصعب الوفاء بالوعيد لمن توعده على من كان إذا حاول الوفاء به قدر المتوعد من الامتناع منه، فأما من كان في قبضة موعده فيسير عليه إمضاء حكمه فيه والوفاء له بوعيده، غير عسير عليه أمر أراده به. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما اختلف أهل التأويل في معنى الكبائر التي وعد الله جل ثناؤه عباده باجتنابها تكفير سائر سيئاتهم عنهم، فقال بعضهم: الكبائر التي قال الله تبارك وتعالى: * (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) * هي ما تقدم الله إلى عباده بالنهي عنه من أول سورة النساء إلى رأس الثلاثين منها. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، قال: الكبائر من أول سورة النساء إلى ثلاثين منها.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله بمثله.
حدثني المثنى، قال: حجاج، قال: ثنا حماد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، مثله.